البغداديون يساعدون لاجئي الفلوجة
سكان العاصمة يقدمون المأوى للناس الذين هربوا من معارك الفلوجة
البغداديون يساعدون لاجئي الفلوجة
سكان العاصمة يقدمون المأوى للناس الذين هربوا من معارك الفلوجة
عندما طلع الصباح على حي الشرطة غربي بغداد, اقترب حشد صغير من السكان من ثلاثة شاحنات بيكاب مع سيارة صالون توقفت على جانب طريق ترابي, وفي داخلها كانت العوائل نائمة بشكل جماعي.
وسألهم صاحب الدكان وليد محمد "هل انتم من الفلوجة؟ بيتنا مفتوح لكم, وعندنا الماء والطعام".
وبالمشاعر نفسها فتح الأهالي في جميع أرجاء غربي بغداد بيوتهم أمام اللاجئين من الفلوجة, في واحد من المظاهر العديدة للتضامن مع المدينة المقاتلة.
واستجابة لخطبة الجمعة التي ألقاها رجل الدين السني البارز حارث الضاري في جامع أم القرى, قام العديد من البغداديين بنمشيط الطرق السريعة بحثاً عن الشاحنات المحملة بالعوائل, لدعوتهم الى بيوتهم.
تحدث اللاجئون عن الأهوال التي شهدوها في المدينة المقاتلة والصعوبات التي واجهوها في الخروج منها.
ويتذكر محمد سلمان وعمره (45) سنة وهو رب عائلة مكونة من (18) فرداً من سكنة حي العسكري في الفلوجة, حيث كان القتال يتركز وقال "الجثث تنتشر في كل مكان, ومعظمها من المدنيين, لقد رأينا بأم أعيننا كيف قتلت عائلة عمي, انهار المنزل على رؤوس أفراد عائلته, لكنهم لم يخرجوا الجثث لأن اطلاق النار استمر حتى أواخر الليل".
أما عبد الرحمن أحمد البالغ من العمر (55) سنة والذي هرب من القتال مع أربع بنات وخمسة أولاد فقد قال "كان علينا ان نقود على الطرق الخلفية الفرعية, لأن القوات الأمريكية لا تسمح لنا باستخدام الطرق السريعة الرئيسة. لقد عبرنا الكثير من القنوات والخنادق, الأمر الذي جعلنا نتوقف لمرات عديدة ونعود من حيث أتينا".
وفي أماكن أخرى من العاصمة اندفع المحسنون الى الجوامع الشيعية والسنية حاملين معهم الطعام والماء, ومتبرعين بالدم لتنقله شاحنات الهلال الأحمر أوسيارات الأفراد الراغبين بالمرور عبر الطوق الأمريكي على الطرق الخلفية.
وقال الميكانيكي علي ياسين وعمره (27) سنة, وهو واحد من عشرات المتبرعين بالدم في جامع الكبيسي غربي بغداد "عندما استيقظت هذا الصباح , قررت أن أذهب الى الجامع لأتبرع بالدم". ويقول علي ان التبرع بالدم هو أفضل عمل يقوم به الشخص ويأتي بالدرجة الثانية بعد القتال. ويضيف "علي ان أكون صادقاً مع نفسي. أعرف انني لا أستطيع الذهاب الى هناك للقتال".
وفي السياق نفسه اختار أهالي منطقة التاجي الواقعة على الطريق السريع شمالي بغداد ان يظهروا تضامنهم بطريقة أخرى, فقد جمع الأهالي, المعروفون باتجاههم الديني المحافظ, السكر والسمن والرز والطحين والأدوية والدم في الجوامع المحلية, لكنهم شنوا أيضاً هجمات تضامن على خطوط تموين التحالف. وقال فراس وهو خريج كلية حديثاً وعمره (24) سنة "ما يحدث في الفلوجة الآن هو الإرهاب الحقيقي. ونحن لا يمكننا البقاء هنا دون عمل شيء, لذلك فجرنا القوافل الأمريكية التي تمر على الطريق السريع".
وقال ان السكان المحليين شنوا عدداً من الهجمات, بضمنها هجوم بالقذائف الصاروخية من بستان مجاور على قافلة من سيارات الجيب (هامر) والشاحنات. وبعد فترة قصيرة, قصف الأمريكان البستان وقتلوا خمسة مزارعين.
ولم يكن بالإمكان التحقق بشكل من مستقل من هذه الادعاءات, لكن مراسلي معهد صحافة الحرب والسلام شاهدوا سيارات أمريكية تحترق وأخرى محروقة على الطريق السريع ـ 1 منذ ان دخل مشاة البحرية الأمريكية الى الفلوجة يوم 4 نيسان.
وقال العميد مارك كيميت في مؤتمر صحفي يوم 12 نيسان ان تأمين الطرق السريعة أصبح أولوية عالية للقوات الأمريكية.
ويقول سكان التاجي انهم سيواصلون الهجمات. وقال سيف عماد أحد المصلين في جامع مجاور "الكفاح, الكفاح, الكفاح. لا يوجد مجال للتفاوض. يجب ان يتحد السنة والشيعة لإخراج الأمريكان".
وتابع سيف قائلاً "لقد قتل المئات من أهالي الفلوجة من أجل أربعة مدنيين أمريكيين فقط". وكان يشير بذلك الى المقاولين من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) والذين تسبب قتلهم في كمين في الفلوجة يوم 31 آذار في هذا الهجوم.
وتساءل سيف "هل تعد دماء المسلمين رخيصة لدى الأمريكان؟"
*ناصر كاظم, حسين علي, عزت عبد الرزاق ومحمد فوزي ـ صحفيون متدربون في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد