البيت المعتقل ، نموذج صدامي
بقلم صاحب الحكيم (تقرير الأزمة العراقية المرقم 22 ، 17 حزيران 2003 )
البيت المعتقل ، نموذج صدامي
بقلم صاحب الحكيم (تقرير الأزمة العراقية المرقم 22 ، 17 حزيران 2003 )
يبدو وكأنه بيت عادي في منطقة الداودي ببغداد والتي تقطنها العوائل المتوسطة حيث الحدائق تتقدم البيوت ، الباب الأمامي اغلق بلوح حديدي من الداخل حيث لا يمكن فتحه ، والنوافذ الجانبية قد أغلقت بالبلوك .
داخل البيت ، معظم الغرف حولت إلى زنزانات غلقت بمواد عازلة للصوت .
أحد الجيران وهو يوسف زيني يقول لمنظمة حقوق الإنسان في العراق إن البيت قد اخذ بالقوة في الثمانينات من قبل عناصر الأمن الصدامية بعد إن ابعد صاحبه المدعو " أبو شوان " وهو كردي شيعي واعدم ابنه " صفاء كاظم الحريري " .
ويضيف زيني " لا نستطيع الجلوس في حدائقنا بسبب صرخات المساجين ، ونحن نعلم انهم يعذبون . والطريق أمام البيت يغلق ليلاً بوجه حركة المرور ، حيث يؤخذ السجناء إلى حيث اللاعودة! نحن نعرف انهم يؤخذون للإعدام .. لكن ماذا بإمكاننا إن نفعل ؟!!.
لقد حول صدام العراق إلى سجن كبير ، فلم يكتفي بالسجون بوضع السجناء السياسيين في سجونه المعروفة في أبو غريب والرضوانية ، بل استخدم البيوت الخاصة بين العوائل في المناطق السكنية .
الإضاءة الوحيدة في تلك الزنزانات في بيت " أبو شوان " هي عن طريق فتحة صغيرة أعلى السقف . وفي كل زنزانة توجد مرافق قذرة ومفتوحة ورائحتها لا تطاق . بعض السجناء قالوا انهم لم يغادرو الزنزانة والطعام كان يقدم لهم خلال فتحة في الباب . إحدى تلك الزنزانات كانت تسمى "الضاغطة" حيث يتم فيها حشر السجناء الذين لا يعترفون وكأنهم في علبة سردين إلى درجة انه من الصعب غلق الباب عليهم .
الوثائق التي عثر عليها بعد هزيمة الحرس عند تقدم الجيش الأمريكي على بغداد تلقي الضوء على " الجرائم " التي كان العراقيون يسجنون بسببها ففي عهد صدام فان مجرد الاستماع إلى إذاعة طهران يقودك إلى السجن أو الموت ربما . عند تحرير بغداد من قبل القوات الأمريكية صار بيت " أبو شوان " فارغاً ومهجوراً ولا أحد يعرف ماذا حصل لنزلائه ، لكن المرجح انهم مثل آلاف السجناء السياسيين قد اعدموا خلال أيام الحرب لإقصاء صدام عن السلطة .
بعد سقوط النظام ورموزه قام أصحاب البيت الحاليين بترميمه لكن رب الأسرة بعث برسالة من لندن حيث يقيم الآن يطلب فيها ترك البيت كما هو كوثيقة تاريخية لظلم دام 35 سنة ولا يمكن رفعه إلا بالقبض على صدام ومحاكمته كمجرم حرب ووضعه خلف القضبان .
صاحب الحكيم : ناشط في مجال حقوق الإنسان ، ورئيس منظمة حقوق الإنسان في لندن . فرع العراق .