الحمير تترك للرعي
تواجه حيوانات الحمل في العراق مستقبلاً غامضاً بعد ان استبدلها أصحابها بسيارات مسروقة زهيدة الثمن
الحمير تترك للرعي
تواجه حيوانات الحمل في العراق مستقبلاً غامضاً بعد ان استبدلها أصحابها بسيارات مسروقة زهيدة الثمن
كان أحد الآثار الجانبية لسقوط نظام صدام حسين يتمثل بالمصير المحزن لحمير العراق المختصة بالأعمال الشاقة.
ان حيوانات التحميل هذه والتي كانت تكلف مرة السعر والتقدير نفسيهما اللذين تقدر بهما سيارة مستعملة جيدة, تدهورت قيمتها بشكل كبير بعد سقوط صدام اثر التدفق الكبير للسيارات المستعملة والمسروقة الى داخل العراق.
ان السيارات التي ظلت لسنوات طويلة كبضاعة كمالية, أصبحت فجأة متوافرة أمام الناس.
كانت أسعار الحمير في شمال العراق تصل الى مايقارب (300) دولار للحمار الواحد, إلا انها أخذت تترك الآن. ويمكن مشاهدة عدد لابأس به منها وهي ترعى على جانبي الطريق السريع بين كركوك والسليمانية. ان بعض هذه القطعان التي تعرف مجازاً في العراق باسم "ابو صابر" قد قتلت بعد تجولها في التلال والوديان المليئة بالآلغام الثقيلة بحثاً عن الطعام.
لقد تحولت العربات التي تجرها الخيول والحمير في السليمانية الى شيء من الماضي. ويشتري الناس بدلاً منها سيارات زهيدة الثمن ـ مع العديد من سيارات الحكومة المسروقة في بغداد وجلبت الى الشمال ـ من معارض السيارات المؤقتة التي انتشرت على أطراف المدينة.
وتحدث أحمد صالح من قرية "سركينت" قرب "شورش" على الحدود الايرانية, مع مندوب معهد صحافة الحرب والسلام قائلاً ان الحمير أصبحت لا تقدر بثمن أثناء فترة حصار صدام التي أدت الى نقص في الوقود, وأوضح قائلاً "كان الخشب الذي يجلب من الجبال هو الوسيلة الوحيدة للطبخ والتدفئة, ولأننا نعتمد على الحمير كثيراً جداً فقد ارتفع سعر الحيوان بشكل حاد.
مع كل هذا, لم تترك الحيوانات نهائياً, فما تزال هناك بعض الأماكن التي لا يمكن ان تسير فيها سيارة. لذلك نستخدم الحمير والخيول لاسيما الآن حيث يمكنك شراء حمار مقابل دولارين فقط."
وما يزال الكثير من المهربين الذين يعيشون ويعملون في الجبال الكوردية يفضلون التمسك بالأساليب التقليدية في النقل.
وقال بكر حسن وهو جالس على عتبة داره تحت ظل طبق فضائي كبير "الخيول رائعة, فهي سريعة وتحمل أحمالاً ثقيلة." وأخبر بكر مندوب معهد صحافة الحرب والسلام انهم يمكن ان يتبادلوا ملكية الحصان مقابل مبلغ قد يصل الى (1500) دولار.
وبعيداً في عمق الشمال حيث تلال قاش ماش, كان المهربون يقودون رتلاً من الخيول المحملة بصناديق البيرة نحو الحدود الايرانية.
وقال كريم جمالي وهو كوردي ايراني عمره (19) سنة انه اشترى حصانه بمبلغ (400) دولار وقال بفخر "انه يستطيع متابعة الطرق لوحده دون ان أكون معه, لذلك لن أتعرض للاعتقال."
لكن القرويين والرعاة بالكاد يستطيعون الانتظار لكي يتخلصوا من حيواناتهم مقابل طقم جديد من الاطارات.
وكان الراعي عبدو الحاج أحمد عند ممر "ملكا أوا" في جبال "أزمر" يحقق تقدماً بطيئاً على امتداد الطريق مع قطيعه وبصحبة حمار محمل بأغراضه. وقال انه حاول ان يتخلص من حماره مرات عديدة, إلا ان الحيوان المخلص لم يفهم الاشارة. وتابع قائلاً "اذا كنت تريد حماري, سأعطيك اياه مجاناً. لقد تركته أكثر من مرة, لكنه يعود لي دائماً."
وقدقرر عبدو شراء سيارة مسروقة عندما يصل الى مدينة "شهرزور" ليترك رفيقه الدائمي السابق لمصير مجهول على جانب الطريق.
*حازم الشرع ـ السليمانية