الجبهة التركمانية، وبعد ان منيت بفشل ذريع في الانتخابات العراقية، تتهيأ لوضع تصور ستراتيجية جديدة للكتلة التركمانية، تكون مختلفة تجاه مطالبة الأكراد بالفيدرالية
بقلم: *سوران داوودي من كركوك
الجبهة التركمانية، وبعد ان منيت بفشل ذريع في الانتخابات العراقية، تتهيأ لوضع تصور ستراتيجية جديدة للكتلة التركمانية، تكون مختلفة تجاه مطالبة الأكراد بالفيدرالية
بقلم: *سوران داوودي من كركوك
وفي تغيير جذري مثير، أشار أحد القادة البارزين في الجبهة التركمانية ان الجبهة ترغب الآن في تأييد كردستان فيدرالية اذا ما حافظت مدينة كركوك المتنازع عليها على وضع خاص بها يتيح لجميع الأعراق الحق في تقرير كيفية حكمها.
ان الجبهة التي تعد احدىالقوى السياسية الرئيسة للتركمان المتحالفة مع تركيا، قد واجهت ضغوطاً للتغيير منذ انتخابات الثلاثين من كانون الثاني، وتبدو الآن وقد تهيأت لاصلاح نفسها.
ان المنطقة المنتجة للنفط المحيطة بكركوك قد جعلت منها ضماناً ثرياً مرغوباً بشدة، وينظر اليها الكثير من الأكراد كعاصمة مستقبلية ومركزاً اقتصادياً للكيان الكردي للحكم الذاتي في المستقبل. ولكن، وعلى وفق خطوط الحدود العراقية المرسومة مؤخراً، فان المدينة تقع خارج المحافظات الثلاث التي تشكل سوية الاقليم الذي يحكمه الأكراد.
والى جانب الأكراد الذين عاد عشرات الآلاف منهم الى المنطقة بعد ان أجبرتهم على الخروج منها سياسة "التعريب" العرقية التي انتهجها صدام حسين، هناك أعداد هامة من التركمان والعرب والآشوريين الذين لهم مصالحهم أيضاً في مستقبل المدينة.
ان المجموعات السياسية التركمانية، والرئيسة منها بشكل خاص، قد عارضت باستمرار خطة الأكراد للحصول على حكم ذاتي أوسع والادعاء بكركوك كمدينة تعود لهم.
وقد شارك الناخبون في كركوك، مثل بقية العراقيين، في عمليتين انتخابيتين في الثلاثين من كانون الثاني، عملية لانتخاب الجمعية الوطنية، والثانية لانتخاب مجلس محافظة التأميم.
وقد فازت قائمة "اخوة كركوك" بالانتخابات الثانية، وتضم القائمة تحالفاً من (12) عضواً والتي شكلت خصيصاً لهذه المنطقة وشملت الحزبين الكرديين الرئيسين مع ممثلين عن التركمان والعرب. وقد فازت القائمة ب(26) مقعداً من مجموع (41) مقعداً في مجلس المحافظة.
وكان انجاز الكتلة التركمانية الرئيسة، الجبهة التركمانية، أسوأ مما كانت تأمله على المستويين المحلي والوطني، محققة (8) مقاعد فقط في مجلس المحافظة.
وحصلت الجبهة في انتخابات الجمعية الوطنية ذات ال(275) مقعداً على (3) مقاعد فقط، مما جعل منها لاعباً ثانوياً مقارنة بقائمة الائتلاف العراقي الموحد المنتصرة التي يقودها الشيعة وقائمة التحالف الكردستاني التي جاءت بالمرتبة الثانية ولها (75) مقعداً.
ويعترف رياض سان كحيا، رئيس جزب تركمان ايلي، أحد الأحزاب الرئيسة في الجبهة التركمانية وأحد المرشحين الفائزين، انه كان يأمل ان يرى الكتلة تفوز ب(30) مقعداً في المجلس التشريعي.
ويقول رياض الآن وهو يرى هذه الآمال تتلاشى، ان الجبهة التركمانية تقبل ترتيباً فيدرالياً عندما تصوغ الجمعية الوطنية الدستور الجديد. وكان الأكراد يمارسون الضغوط لكي يعاد تشكيل العراق حتى تصبح الوحدات الفيدرالية الكبيرة مثل الاقليم الكردي ـ الذي يمكن ان يتوسع ليضم كركوك ـ هي الكيان الاداري الأساسي للوطن، بدلاً من المحافظات الثماني عشرة الحالية.
وقال رياض "ان التركمان يقبلون الآن الحل الفيدرالي. لكنهم يريدون ان تبقى كركوك كياناً فيدرالياً (قائماً بذاته)، يحكمه الأكراد والتركمان والعرب."
وقال رياض ان الجبهة التركمانية وبقدر ما يتعلق الأمر بأحكام الستراتيجية الوطنية، قد قررت ان تضم قواها الى الائتلاف العراقي الموحد في البرلمان الانتقالي، بعد ان رفضت عرضاً للتحالف من القائمة العراقية، التي يرأسها أياد علاوي، رئيس الوزراء المؤقت التي جاءت بالمرتبة الثالثة في الانتخابات.
لكنه أضاف ان الجبهة ستسعى في الوقت نفسه الى فتح حوار مع الأحزاب الكردية بأمل بناء علاقات جديدة معها.
وقال ان الأمر الآن بيد تلك الأحزاب لأخذ المبادرة، لاسيما الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده جلال الطالباني، والذي من المتوقع ان يكون الرئيس العراقي.
لقد عبر رياض في تعليقاته عن موقف معتدل بشكل جوهري لنهج الجبهة التركمانية لأنها تؤيد فكرة عراق فيدرالي يحصل فيه الأكراد على اقليمهم الخاص بهم، مع انه مايزال يتمسك بموقفه بان يكون لكركوك وضع خاص قائم بذاته بدلاً من قبول الحاقها بالكيان الكردي الفيدرالي.
ان هذا التغير في الموقف قد يكون نتيجة لسياسة جديدة في تركيا، التي قدمت للجبهة التركمانية الدعم السياسي والدبلوماسي منذ ان ظهرت الجبهة عام 1995.
لقد عارض الأتراك حتى وقت قريب مطاليب الأكراد الخاصة بكيان فيدرالي في شمال العراق، خشية من ان تدفع النزعة الانفصالية في الداخل أجزاء من جنوب شرقي تركيا للمطالبة بالالتحاق بدولة كردستان عند ظهورها.
ان تركيا قد حافظت على علاقة وثيقة مع الأقلية التركمانية في العراق بسبب الروابط العراقية المشتركة، اضافة الى قلقها من المستقبل السياسي للأكراد وكركوك.
وقد استقبل جلال الطالباني في الاسبوع الماضي وفداً تركياً زائراً عالي المستوى برئاسة فهري كرتورك المعوث التركي الخاص للعراق. وعلى وفق ما ذكرته جريدة الزمان التركية فان أعضاء الوفد أخبروا الطالباني ان تركيا لم تعد تعارض دعوة الأكراد للفيدرالية، ما دامت هناك ضمانات على الحفاظ على وحدة أراضي العراق وان تتمتع كركوك بوضع خاص.
ان نتائج الانتخابات التي فرضت على الجبهة التركمانية احداث تغيير جذري، يمكن ان تثبت بانها قد تركت تأثيرات بعيدة المدى على الجبهة نفسها.
وقد ذكرت التقارير الاعلامية في كل من العراق وتركيا ان الكتلة تدرس حل نفسها في أعقاب الفشل الذي منيت به عند صناديق الاقتراع. لكن رياض نفى هذه الشائعات، قائلاً انه بدلاً من ذلك، فقد وضعت خطة للعودة الى البداية. وقد تقرر عقد مؤتمر تركماني واسع النطاق في 22/ نيسان المقبل لمناقشة "جميع الخيارات".
وأضاف انه في كل الحالات المتوقعة فان الأحزاب التي تتشكل منها المظلة العامة للجبهة وهي حزبه، تركمان ايلي، مع الحزب التركماني الوطني وحركة التركمان المستقلة، وتركمان اوكاجي، ستندمج في حزب سياسي واحد.
ومع وجود مرونة أكبر ازاء قضية الحكم الذاتي للأكراد، يبدو ان السياسيين التركمان من خارج الجبهة اضافة الى من هم داخلها مصممون على الحيلولة دون ان تصبح كركوك جزءاً من كردستان في المستقبل.
وأوضح يونس البيرقدار، سياسي مستقل وعضو في مجلس المحافظة المنتهية ولايته، رغبة أبناء قوميته للحفاظ على هويتهم الخاصة بهم، لاسيما مع الأخذ بالاعتبار الخوف المنتشر على نطاق واسع من ان كركوك قد تتعرض الى "التكريد".
أما تحسين كحيا، الرئيس السابق للمجلس المحلي نفسه وممثل الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق، الذي شكل جزءاً من الائتلاف العراقي الموحد على مستوى الانتخابات الوطنية، أوضح ان قضية من يحكم كركوك تبقى ذات حساسية عالية جداً بسبب الخليط المعقد للمجموعات العراقية والطائفية في المنطقة.
وقال ان الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها ان تندمج المدينة في المنطقة الكردية نحو الشمال، تتم فقط من خلال عملية كتابة الدستور الديمقراطية التي يشارك فيها جميع المواطنين العراقيين. في مثل هذه الحالة فقط "سنقبل بقرار الشعب مهما كان."
*سوران داوودي ـ مراسل محطة تلفاز "الحرة"