الكرد يطلبون اللغة الانكليزية
ان تغير الأوضاع في كردستان يعني فرصاً أكبر لأولئك الذين يتقنون اللغة.
الكرد يطلبون اللغة الانكليزية
ان تغير الأوضاع في كردستان يعني فرصاً أكبر لأولئك الذين يتقنون اللغة.
عندما بدأ سارياس جمال البالغ من العمر (34) سنة عمله في قسم الحسابات في "آسياسل" الشركة الرئيسة للهاتف الخلوي في شمال العراق، وجد ان عليه التعامل يومياً مع مدراء لا يتحدثون باللغة الكردية، وهي اللغة الوحيدة التي يتكلمها.
يجري العمل باللغة الانكليزية، لذلك أدرك سارياس انه لابد ان يتعلم تلك اللغة لكي يستطيع التواصل مع رؤسائه، وان يكون موظفاً ناجحاً.
حيث يقضي سارياس الآن عدة ساعات في اليوم محاولاً التمكن منها.
ومثل سارياس، فقد اندفع الاكراد العراقيون الآخرون الى صفوف اللغة الانكليزية، سواء بسبب الحاجة أو الرغبة الشخصية.
واصبحت صفوف تعليم اللغة الانكليزية عملاً مزدهراً في السليمانية، حيث أخذت تنتشر بكثافة مراكز اللغة الخاصة والمدارس الأهلية باللغة الانكليزية في المكان كله.
وكان على قسم اللغة الانكليزية في جامعة السليمانية ان يوسع برنامجه ليستوعب مائة طالب جديد.
واصبحت المكتبات تجد صعوبة في الاستمرار بتوفير كتب تدريس اللغة الانكليزية. وقال مدرس اللغة الانكليزية فريدون عبد الرحمن وعمره (27) سنة "لقد فرضت اللغة الانكليزية نفسها على الناس." ويعتقد ان الانتشار السريع لتقنية المعلومات مثل الحاسوب والانترنيت والتلفاز الفضائي، قد دفع الناس لادراك أهمية اللغة الانكليزية, اضافة الى ذلك فان العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية والشركات الأجنية الجديدة في كردستان تطلب موظفين يتحدثون الانكليزية وترسل الكرد الى صفوف تعليم اللغة.
أما أوات عبد الله الذي يكتب موضوعات أدبية ومقالات عن مشاكل الشباب الكردي في الصحف والمجلات الكردية فهو يقول ان القدرة على فهم الانكليزية أمر هام لأنه "عندما يصل الأمر الى المعرفة، فالمصادر الانكليزية هي الأوسع والأكثر تنوعاً."
ويدرس أوات الانكليزية في مركز تعليم خاص، كما هو الأمر مع ستار قادر وعمره (36) سنة، وهو خريج كلية الآداب. حيث يرغب ستار في الحصول على درجة الماجستير في الآداب العام المقبل، ولابد ان يجتاز امتحان أتقان اللغة الانكليزية كأحد متطلبات قبول الخريجين في معظم الجامعات العراقية.
وثمة الكثير من مراكز تعليم الانكليزية الخاصة في السليمانية حيث يفرض المعلمون أجوراً معدلها (20) دولاراً في الشهر. وتستمر الدروس بشكل عام لمدة ساعة في اليوم لستة أيام في الاسبوع.
ويعمل باناز محمد وعمره (34) سنة في "مركز التفاحة" الذي ينظم دروساً بالانكليزية للناس من جميع الاعمار.
ويقول ان المركز لديه عدد كبير من الطلاب أكثر من طاقة استيعابه. وقال "ان الانكليزية هي لغة العلوم والتكنولوجيا". لهذا يرغب الناس ان يتحدثوا بها".
ولا تقتصر الدروس في "مركز التفاحة" على الكبار فحسب بل يدرس حالياً ما يقارب (230) طالباً صغيراً تحت عمر (10) سنوات في دورات اللغة الانكليزية، وتم قبول (180) آخرون للصفوف المقبلة، كما ذكر ذلك سروان صديق وعمره (35) سنة والذي يشرف على تعليم حروف الهجاء الانكليزية للصغار من سن (3 ـ 5) سنوات.
الطالبة شارو رزكار وعمرها (7) سنوات، والتي تدرس للشهرين الأخيرين في المركز، قد تعلمت حالياً حروف الهجاء الانكليزية ويمكنها ان تتقدم لدروس تعلم اللغة نفسها.
ان هذه المراكز الخاصة لا تشكل الخيار الوحيد لتعلم الانكليزية، فالطلاب، على وفق نظام التربية العراقي، يبدأون دروس اللغة الانكليزية اعتباراً من الصف الخامس الابتدائي وحتى يتخرجون من الاعدادية. إلا ان الكثير من الناس يزعمون ان هذه الدروس غير كافية.
وقال سروار عثمان خريج اعدادية عمره (18) سنة "ان منهج الانكليزية وطريقة التدريس لا تكفي لتعلم اللغة." وهو الآن يأخذ دروساً في الانكليزية في المعهد الأهلي لتطوير اللغة الانكليزية.
ويمكن للصغار في المدارس الابتدائية ان يدرسوا أيضاً في مدرسة (ميدز) الأهلية الخاصة باللغة الانكليزية والتي تديرها منظمة الكنيسة البروتستانتية.
ولم تفتقر المدرسة أبداً الى طلاب ينتظرون القبول، كما قال مدير المدرسة طالب شكور وعمره (62) سنة.
اما على المستوى الجامعي، فقد أضاف قسم اللغة الانكليزية في جامعة السليمانية دورات ليلية. وقال رئيس القسم عباس مصطفى الذي يبلغ من العمر (38) سنة ان على القسم ان يفتح أقساماً اضافية نظراً للإقبال الكثير.
وعلى العكس من ذلك، فان هناك اقبالاً أقل بكثير على أقسام اللغتين العربية والكردية في الجامعة.
ان الرغبة المتزايدة لتعلم اللغة الانكليزية انعكست أيضاً على أنواع الكتب في المكتبات.
وقال صاحب مكتبة زيان في السليمانية شورش صبير وعمره (32) سنة انه يتوفر في المكتبة تنوع واسع من العناوين، لكن كتب تعليم اللغة الانكليزية تباع أكثر من الأنواع الأخرى.
في غضون ذلك، فان النمو في الاقبال على تعلم الانكليزية من المرجح ان يزداد حتى أكثر مما هو عليه الحال الآن.
وأوضح ياسين قادر، مدير مركز اللغة الأهلي (أي سي سي) الذي يدرس الترجمة الانكليزية الى الكردية، انه عندما يصبح الوضع في العراق أهدأ وأكثر استقراراً، فان المزيد من الشركات والمنظمات الدولية ستأتي الى البلاد.
وتوقع ياسين ان القدرة على العمل في بيئة انكليزية ستكون حاسمة اذا كان الشعب العراقي يريد أعمالاً وعقوداً.
*شاباز جمال ـ مدير تحرير الصحيفة الشبابية "التربية الحرة" ـ السليمانية