المتطرفون يضيقون النطاق على الإحتفالات في الموصل
السكان اكثر وجلا من ذي قبل من اقامة مأدبات إحتفاء بالمولد النبوي.
المتطرفون يضيقون النطاق على الإحتفالات في الموصل
السكان اكثر وجلا من ذي قبل من اقامة مأدبات إحتفاء بالمولد النبوي.
أحدث هذه التهديدات كان الشهر الماضي, عندما قامت إحدى الجماعات السنية المتطرفة والتي تطلق على نفسها اسم "دولة العراق الإسلامية" بنشر منشورات في ضواحي الشمال الغربي من مدينة الموصل تحذر سكانها من الإحتفال بذكرى المولد النبوي أو إقامة أي نوع من المراسيم بالمناسبة.
ومخافة أن ينفذ أولئك المتطرفون تهديداتهم, فقد امتنع السكان المحليون في الموصل من إقامة المآدب أو تبادل الحلوى مع جيرانهم، باستثناء عدد قليل من الأطفال شوهدوا وهم يتبادلون الحلوى والعصائر فيما بينهم.
الكاتب نشوان عبد الله, وهو يعيش في مدينة الموصل يقول "لقد اعتاد سكان الموصل أن يحتفلوا بالعديد من المناسبات الإسلامية, وإن هذه الإحتفالات بدأت بالزوال منذ عدة سنوات".
وعلى الرغم من كون الجماعة المتطرفة التي تسمى بـ "دولة العراق الإسلامية" ناشطة في العديد من المحافظات الغربية في العراق, إلا أنها ضيقت نطاق قبضتها في محافظة الموصل, حيث خاضت قتالا مريرا للسيطرة على المحافظة، وفرض فهمها المتزمت للقانون الإسلامي.
فالمسؤولون الأمنيون، سواء العراقيون أو الأمريكيون، يلقون باللائمة على الجماعة المتمردة التي ظهرت في العام 2006, لكونها السبب في زعزعة أمن المدينة، التي كانت تعتبر واحدة من المراكز الثقافية في العراق قبل ان تصبح معقلا للنظام السابق.
وعلى اثر ذلك، فان اسم "الجماعة الإسلامية" وحده يدعو لإثارة الخوف والرعب في قلوب سكان الموصل الذين قالوا بأنهم كانوا خاضعين لحملة تلك الجماعات في الترويع والتهديد لبعض الوقت.
ويوضح سكان مدينة الموصل بان احتفالات التخرج, والعطل الإسلامية وأعياد الميلاد كانت تقام في وقت سابق بشكل صامت. لكن في العام الحالي فقد أصبحت حتى هذه الممارسات تشكل خطرا على السكان حيث زادت عدد التهديدات بشكل ملحوظ.
ويعلق احد رجال الدين في الموصل بان "فرض القيود على الاحتفالات غير مبرر في القانون الإسلامي," مشيرا بان "المولد النبوي، على وجه الخصوص, ينبغي أن يحتفى به حيث انه يذكّر المسلمين برسولهم وأعماله". ويستدرك "قام المتطرفون بحرف الناس عن تعاليم الإسلام المتسامحة".
وكانت جماعة دولة العراق الإسلامية قد أدينت باستهداف ابناء الطوائف الاخرى من غير السنة في أماكن مختلفة من البلاد كافة, وتهديد القادة الإسلاميين في الموصل, إضافة الى إجبار المسيحيين للخروج من مدينة بغداد.
وفي الموصل, فغالبا ما يوصل المتمردون تهديداتهم عبر المنشورات التي توزع على ارجاء المدينة وتحمل اسم الجماعة, إضافة إلى استخدامهم المكالمات الهاتفية أو الرسائل كوسائل للتهديد. وفي السنوات الأخيرة, فقد استهدف المتطرفون العديد من الشخصيات الإسلامية في مدينة الموصل.
احد القادة الصوفيين يقول بأنه اعتاد هو وزملائه من رجال الدين, ان يمارسوا احدى الطرق المعينة من الاسلام, حيث كانوا يقيمون المناقب في الجوامع والساحات العامة في الموصل إلا انهم لا يقدرون على ذلك بعد الآن.
وأوضح "لقد تم تجميد هذه الممارسات بعد ان تسلمنا تهديدات بالموت عبر هواتفنا النقالة من قبل المتطرفين الذين يعتبروننا جماعة من المتهرطقين".
اما الأصوليون فقد قاموا بتهديد المسلمين الذين يحتفلون بشهر شعبان، وهو الشهر الذي يسبق شهر رمضان على وفق التقويم الهجري، حيث يقوم الناس عادة بتهيئة الطعام ودعوة الآخرين وإشعال الشموع.
وفي السياق ذاته، أشار سكان مدينة الموصل بان الاحتفالات العامة غير الدينية قد قمعت هي الأخرى.
ليث محمد, البالغ من العمر 26 عاما، خريج الدراسة الجامعية ويعمل في محل لصيانة الهواتف النقالة، يقول "دائما ما نسمع عن تهديدات ضد الاحتفالات المزمع إقامتها". ويستذكر "على سبيل المثال, اردنا ان نقيم احتفال التخرج الخاص بنا, واذا بنا نسمع ان عدد من زملاءنا تلقوا تحذيرات عبر أجهزتهم النقالة".
"فقد تم إخبار الطلاب بأنهم قد يتعرضون للأذى، او القتل ربما، فيما لو اقاموا احتفال التخرج والذي عادة ما يكون المدعوون اليه من النساء والرجال على حد سواء،" يضيف محمد.
وهو يلفت بأن "الطلاب فضلوا اقامة احتفال بسيط بدلا من ذلك، حيث تجمعوا في فناء الجامعة دون مصاحبة الموسيقى".
وقد أفاد مسوؤلون أمنيون في المحافظة بان الإشاعات، وحتى الهشة منها، هي من اكثر الوسائل تاثيرا لإيقاف الاحتفالات في المدينة.
ويرى القائد في شرطة نينوى العقيد عبد الله خلف إن المتطرفين يبغون السيطرة على المدينة من خلال زرع الخوف فيها. ويستدرك "إلا انه لا توجد هنالك طريقة يمكن من خلالها معرفة فيما إذا كانت المنشورات التي توزع قرب الجوامع وفي الأسواق هي حقيقة أم لا".
ويشدد خلف "لا يوجد هناك دليل ملموس حول صحة هذه المنشورات، فنحن دائما ما نشجع الناس عبر وسائل الصحافة لممارسة حياتهم بصورة طبيعية من دون الشعور بالتهديد".