العراق يراقب الوضع السياسي بعد الطائفية

طيف متنوع من التحالفات سيتبارون خلال الانتخابات البرلمانية القادمة في كانون الثاني.

العراق يراقب الوضع السياسي بعد الطائفية

طيف متنوع من التحالفات سيتبارون خلال الانتخابات البرلمانية القادمة في كانون الثاني.

IWPR

Institute for War & Peace Reporting
Wednesday, 30 December, 2009
.



وفي اعقاب الصدع الذي حدث مع حزب الدعوة بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي ، فان صفوة الاحزاب الشيعية قامت بتشكيل اول تحالف من نوعه ليضم طوائف متعددة في الاسبوع الماضي بهدف التنافس في الانتخابات البرلمانية القادمة في كانون الثاني من العام المقبل.



وتسيطر احزاب وقيادات شيعية محافظة على رئاسة التحالف الوطني الذي تم تشكيه حديثا- بضمنها المجلس الاسلامي العراقي الاعلى ، حزب الفضيلة ، بالاضافة الى الموالين لرجل الدين المناهض للقوات الاميركية – مقتدى لصدر. الى جانب ذلك ، فان التحالف يضم ايضا علمانيين، والبعض من السُنة بالاضافة الى اقليات دينية وعرقية.



في هذا الاطار تقول منى زلزلة، عضوة البرلمان عن المجلس الاسلامي العراقي الاعلى " يرى الحزب الاسلامي العراقي بان حاجات المواطنيين قد تغيرت في أعقاب استتباب الامن". " الناس لايركزون على الطائفة والدين ، بل على الخدمات ووسائل الرفاهية و (الحزب) الذي يتمكن من توفير ذلك. ونظرا لذلك فقد تغيرت التحالفات كذلك. ان تحالفنا مبني على مصالح وطنية عوضا عن مصالح طائفية".



ان توجه التحالف الوطني العراقي نحو التعددية هو جزء من توجه اكبر بعيدا عن السياسة الطائفية التي ابتلي بها العراق منذ سقوط نظام صدام حسين.



هذا وقد اشارت الاحزاب السنية والشيعية بانها ستبحث عن حلفاء لها انطلاقا من قواعد دينية وعرقية- وهي استراتيجية قد تعود بالفائدة لبعض القادة. وعلى اي حال، فان النقاد جادلوا بان السياسة العراقية ستبقى مترسخة بالطائفية وبان اي تغيير هو مجرد تزويق لها لا أكثر.



علماً إن البرلمان العراقي المتكون من 275 عضوا سيختار رئيس الوزراء القادم ، والذي من المحتمل ان يحتاج الى دعم واسع من الشيعة ، السنة، الاكراد، وبقية الجماعات ذات الاقلية.



يستطيع التحالف الوطني العراقي التنافس مع تحالف ذو اتجاه وطني يقوده حزب الدعوة الذي ينتمي اليه نوري المالكي، حيث يتعهد بالتركيز في حملته على قضايا علمانية مثل الخدمات والامن.



وقد استطاعت هذه الاجندة ان تحظى بالاصوات في انتخابات مجالس المحافظات في شباط عام 2009 ، عندما تسيد حزب الدعوة مع حلفائه في العديد من المحافظات التي كانت تدار سابقا من قبل احزاب دينية. فقد كانت قضايا الفساد ، الخدمات ، والامن من اهم القضايا بالنسبة للمصوتين ، الذين اختاروا مرشحيهم من جميع ارجاء البلاد.



هذا وقد ُعدت الانتخابات نقطة تحول حاسمة في سياسة العراق،والتي كانت تدار من قبل قادة ذوي اجندات طائفية وعرقية. ويدعي العديد بان الاحزب الطائفية والمليشيات أدت الى تقسيم البلاد وتسببت باذكاء نار الحرب الاهلية الدامية بعد الغزو عام 2003.



الى ذلك اشار عبد الله جعفر ، وهو استاذ متقاعد في العلوم السياسية، بان الاحزاب العلمانية قامت بحملات ذات صبغة دينية لاجتذاب المصوتين في انتخابات عام 2005. بينما ستكون الستراتيجية في الانتخابات القادمة على العكس من ذلك على حد قوله.



ويواصل القول " حتى الاحزاب الطائفية والدينية ستحاول التحالف مع الاحزاب و القوائم العلمانية" ..." فلعبة الاسلام في العراق قد انتهت".



يراهن حزب الدعوة الذي يتبنى اجندة تركز على المشاكل والخدمات المطروحة في مجلس المحافظة بان هذه الاجندة ستجتذب الأصوات مرة اخرى، وهو ينوي القيام بجولة انتخابية للاستيلاء على المقاعد البرلمانية عن طريق تحالف متنوع الاطياف لاجل كسب مدى واسع من الناخبين.



يقول عبد الهادي الحساني ، مسؤول في حزب الدعوة ، بان الحزب" يسعى لتشكيل تحالف ذو نزعة وطنية غير طائفية تشمل كل الطوائف ، الاقليات ، والعشائر".



ويواصل حديثه هذا " لاشك بان الشيعة هم الاكثرية من سكان الشعب العراقي"..." الا ان القصد هو ان نكون ذو توجه وطني وغير طائفي. فنحن لانسعى لاجتذاب الناخبين من الشيعة فقط".



ان الانقسامات مابين الاحزاب الشيعية المتنافسة- التي حكمت بغداد للسنين القليلة الماضية- ساهمت في خلق الائتلافات الاكثر تنوعا. هذا وقد انفصل حزب الدعوة مؤخرا عن الائتلاف العراقي الموحد ، الحزب الشيعي القائد في البرلمان، بسبب صراعات حول السلطة مع احزاب شيعية اخرى.



المسؤولين في حزب الدعوة ابلغوا معهد صحافة الحرب والسلام بان الحزب مازال يفكر بالانضمام الى التحالف الوطني العراقي ، والذي من شانه تقوية الكتلة ذات القيادة الشيعية.



الا ان قدرة حزب الدعوة على حل خلافاته مع باقي الاحزاب الشيعية غير معروفة لحد الان. وفي هذا النطاق يقول قادة حزب الدعوة انه بغض النظر عن القائمة، فان المالكي يسعى الى التحالف مع السنة، الاكراد، والعلمانيين بالاضافة الى قيادات اقليات دينية وعرقية اخرى.



الى ذلك يقول علي جابر البصري ، مسؤول في حزب الدعوة ،بان الحزب " لن ينضم الى الائتلافات الطائفية كما فعل في الماضي. فهذه الائتلافات لم تعمل جيدا".



ويواصل حديثه بالقول بان المالكي كان راس الحربة لفكرة الائتلاف الشيعي الغير طائفي، بضمنها الاسم – التحالف الوطني العراقي-



واضاف بان التحالف الوطني العراقي " لايستطيع استخدام التسمية القديمة ( الائتلاف العراقي الموحد) لانه سيجعل المواطنين يفكرون بالطائفية الشيعية ".



اما بالنسبة لجبهة التوافق ، وهي كتلة خاصة بالعرب السنة،فهي تبحث عن الانضمام الى تحالفات متعددة الاعراق والطوائف ايضا، على حد قول شذى العبوسي ، وهي نائبة سنية عن الحزب الاسلامي العراقي. وتقول العبوسي بانه من المحتمل ان تقوم الاحزاب السنية بالترويج لقوائم منفصلة حيث سترحب بالطوائف والعرقيات الاخرى على ان تشارك بالسلطة ضمنا.



وفي هذا الاطار علقت العبوسي بالقول " لقد توقعنا ان تنتهي الطائفية يوما ما، ويظهر ان هذا اليوم قد اتى بالفعل".



وواصلت " ان التغير الاخير هو رسالة للمواطنين العراقيين: انتم من يقرر ، وليس الساسة".



يعتقد البعض بان القوائم المتنوعة ماهي الا واجهة لارضاء الناخبين بكل الاحوال. اما بالنسبة للتحالف الوطني العراقي فيقوده 11 حزبا شيعيا ويضم قائدا سنيا واحدا فقط.



اذا ماشكل المالكي قائمة خاصة به ، فانها ستقاد من قبل حزب الدعوة، وهو حزب شيعي محافظ يستلهم مبادئه من الثورة الايرانية عام 1979 ، حيث اعاد هذا الحزب تسميته فقط ليكون كيانا وطنيا. هذا وقد كان المالكي ، ابان فترة حكمه كرئيس للوزراء ، قد تصادم مع السنة والاكراد، حيث ان احزابا اساسية من كلا الجماعتين ستقوم بالاعلان عن تحالفاتها .



اما المرجعية ، وهي مجلس صفوة القادة ورجال الدين الشيعة في النجف،بقيادة ايه الله العظمى السيد علي السيستاني ، فمازالت تتمتع بثقل جوهري في الساحة السياسية.



في هذا النطاق ، فقد توقع احد طلاب المرجعية ، والذي طلب عدم الافصاح عن هويته لانه غير مخول بالتحدث الى الاعلام ، بان السيستاني " لم يبارك تحالف المالكي لحد الان. لانه لو فعل ذلك ، لكان المالكي قد شكل قائمته الخاصة".



وعلى اي حال ، فان عبد الهادي الحساني ، نائب عن حزب الدعوة ، اصر بان صفوة رجال الدين الشيعة لم يؤثرو ا على السياسة. حيث علق بقوله " ان المرجعية لاتتدخل في هذه الامور".



اما محمود عثمان ، وهو عضو برلماني كردي مستقل ، فقد قال بان الائتلافات كانت " قائمة على الطائفية بصورة اقل " الا انها لم تتجاوزها. " فهي ليست قوائم غير طائفية".



ويواصل القول بان التحالفات " تغير وجوهها ، غير انها في الاصل ، تبقى على نفس النهج".



هذا وتنبأ عثمان بان السنة والاكراد سيشكلون تحالفات مستقلة. فاذا مانضم حزب الدعوة الى التحالف الوطني العراقي ، كما يقول "فان الطائفية ستبقى مهيمنة على السياسة العراقية. علينا ان ننتظر ونرى".



اما جعفر ، المحلل السياسي، فقد قال بان التحالفات كانت تشكل قوائم متنوعة لغرض ارضاء الناخبين فقط، الا انه اشار بان خطوة الابتعاد عن الطائفية كانت خطوة بالاتجاه الصحيح.



وواصل بالقول " ان البقاء في حلقة الطائفية يعني صراعا متواصلا مابين السياسيين والعنف مابين الطوائف العراقية. ان هذا قد يذكي نار الحرب الاهلية في اي وقت".



ثم علق " نحن بلد ذو فسيفساء متعددة ، ولذلك فنحن نحتاج الى سياسيين مسالمين ، وغير طائفيين" واضاف بالقول " تلك هي الطريقة المثلى لخلق حياة هادئة في العراق".



عبير محمد - صحفية متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد.
Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists