الشيعة في العراق يرقصون
الشيعة لديهم سبب خاص للاحتفال بسقوط صدام، و لكنهم سيبقون احترامهم لسلطة العراق ما دامت حقوقهم محفوظة
الشيعة في العراق يرقصون
الشيعة لديهم سبب خاص للاحتفال بسقوط صدام، و لكنهم سيبقون احترامهم لسلطة العراق ما دامت حقوقهم محفوظة
في العقدين الاخيريين وصلت درجة استبداد الدولة بالشيعة في العراق أعلى درجاتها و تمثلت في الترحيل الجماعي، انتزاع الملكيات، تدمير المدارس و الجامعات و عمليات القتل والاغتيالات التي تمت بالجملة لقيياديين شيعة.
يقف العراق اليوم على منعطف خطير في تاريخه. سيزول الاستبداد الذي فرض على العراق ولكن الظروف التي سمحت لنمو الديكتاتورية يجب أن يتم استئصالها وللأبد حتى لا نسقط مجددا في شكل آخر من أشكال سوء الحكم و الاستبداد
مناقشة الخلافات الطائفية التي تواجه العراق علنا لا يشكل أي خطر جدي على وحدة العراق. تجاهل المشكلة أو محاولة اخفائها تحت السجادة بحجة "تعليل مريض" كخطرها على الوحدة الوطنية من شأنه أن يعقد الموضوع و يعتبر اهانة بحق ذاكرة الجماعات التي ابيدت وتعرضت للطغيان والتحقير بسبب هويتها الطائفية.
الدروس التي من الممكن تعلمها من التاريخ العراقي هي واضحة. لم يحاول الشيعة ابدا انشاء دولة خاصة بهم أو ايجاد وحدة سياسية خاصة بهم. بالعكس كلما اتيحت لهم الفرصة اشتركوا بحماس مع الحركات السياسية الوطنية و المنظمات القائمة في جميع أنحاء العراق. الشيعة سواء كانوا متدينين أو غير متدينين تجنبوا الانخراط في وحدات انفصالية وأصروا على التزامهم بوحدة الدولة العراقية.
حتى اليوم ومع درجة وصول سياسة الدولة المعارضة للشيعة أعلى درجاتها من العنف لم يرفع الشيعة شعارات الانسحاب من الجسم السياسي العراقي.
التجربة المخيبة للآمال التي مر فيها الشيعة خلال الظروف التي عززت بناء أول حكومة عراقية عام 1920 كانت عامل أساسي في صقل تطورهم السياسي. على الرغم من الدور الأساسي الذي لعبه الشيعة في خلق الظروف الملائمة لبناء الدولة العراقية المستقلة، بكونهم المحركين الأساسيين في الانتفاضة العراقية عام 1920 ومع ذلك فقد تم تأسيس الدولة العراقية بناء على حدود الطائفية مع النية لابعاد الشيعة وقادتهم من مؤسسات اتخاذ القرار لم تتوقف الدولة عن تذكير المواطنون السنة من "الخطر" الذي يشكله الشيعة على حقوقهم و على الامتيازات التي يتمتعون بها.
تصميم السلطات على استمرار عزل الشيعة من أي منصب اداري ذو نفوذ في الدولة ساعد على تحويل الشيعة في العراق الى وحدة اجتماعية، معترف فيها، ذات خصوصيات معينة خاصة فيها، بعيدة عن أي اعتبارات ايديولوجية أو دينية.
أسباب المعارضة الشيعية للنظام في العراق مبنية على أسس سياسية وليس طائفية. على الرغم من سياسة التمييز الطائفي لم تشهد العراق تمييز اجتماعي بمفهوم "مجتمع واحد". السنة يضطهدون بوعي "الآخر" أي الشيعة، والتمييز الذي ابتلي فيه الشيعة، بأكمله هو من عمل الدولة.
بينما انخرط الشيعة في العراق في مجموعات سياسية وثقافية مختلفة فان المحرك السياسي الأساسي للشيعة هي الحركة الاسلامية. على الرغم من ذلك فإن الحركة الاسلامية في العراق اليوم هي ذات طابع اسلامي وليست متمحورة حول الطائفية.
الظروف المتوفرة للشيعة في العراق اليوم تمكنهم من اعطاء ولائهم لفعاليات سياسية وثقافية مختلفة وليس اتجاههااسلامي بالضرورة.
يدعو الشيعة اليوم الى الغاء الديكتاتورية وتبديلها بنظام دستوري برلماني ديمقراطي الذي يتجنب بحذر تحكم طائفة واحدة بالاخرى و ذلك من خلال تبني نظام فدرالي مع درجة عالية من اللامركزية ويضمن انتقال السلطة في ازالة الطائفية الرسمية من خلال تبني حقوق مدنية وسياسية معينة التي من شأنها أن تزيل التمييز ضد الشيعة والذي يضمن حماية الهوية الاسلامية للمجتمع العراقي. النظام الفدرالي العراقي لن يكون مبني على فصل طائفي ولكن على صفات ادارية وديموغرافية. هذا من شأنه أن يجنب خلق وحدات طائفية التي من الممكن أن تكون مقدمة لتقسيم أو عزل.
بشكل مثالي، نظام فدرالي سيقوم بالتشريع من أجل الحفاظ على على طبيعة وحدوية العراق مع ضمان الحاجة الى الحفاظ على التنوع الثقافي.
من أجل ازالة التراكمات السياسية الطائفية التي مورست على مدى عقود سيتم انشاء سلطة فدرالية من صلاحيتها محاربة الطائفية. هذه السلطة ستقوم بفحص دقيق لكل الأساليب المستخدمة لملىء المناصب الحكومية الرئيسية و سيتم توكيلها بالحكم في قضايا الشكاوي المتعلقة بالطائفية.
من الضروري أن يتم اشراك كل العناصر الموجودة على الساحة السياسية العراقية بما في ذلك الممثلين عن المجتمعات العراقية المختلفة في عملية البحث عن حلول للظروف الصعبة التي يعيشه العراق اليوم والذي يهدد بقائه.
يجب على كل هذه المجموعات أن تشارك بعملية بناء الشكل الجديد للدولة العراقية وأن يكون لهم دور في تحديد المستقبل وأن يشعروا بأنهم شركاء حقيقيون متساوون.
هذا هو أقل متطلب يلزم لبناء دولة عراقية على اسس جديدة.
موفق الربيع هو مؤسس المجلس الوطني العراقي و منسق لجنته الخاصة بحقوق الإنسان.