التقارب العربي - الكردي شمال العراق
بالرغم من تاريخ العنف القريب، بدأ الساسة السنة والاكراد بالتعاون في محافظة نينوى الشمالية.
التقارب العربي - الكردي شمال العراق
بالرغم من تاريخ العنف القريب، بدأ الساسة السنة والاكراد بالتعاون في محافظة نينوى الشمالية.
بقلم/ احمد يونس، خالد وليد، ومصطفى محمد- العراق
عدد 393
7/6/2012
يعرب سكان محافظة نينوى عن تفاؤلهم الممزوج بالحذر بتحسن وضعهم بعد ان اتفق الساسة من العرب والكورد على العمل مع بعضهم البعض وليس العكس.
فبعد الاطاحة بالرئيس صدام حسين عام 2003 اصبحت هذه المحافظة الشمالية واحدة من اكثر المناطق خطورة في البلاد على الرغم من الجهود الامريكية والعراقية والكردية لسحق المتمردين ومليشيات القاعدة المسلحة التي اتخذت من نينوى معقلا لها.
ولم يزل الامن مشكلة خطيرة في المحافظة بالاضافة الى سوء الخدمات العامة ومعدلات البطالة المرتفعة اذ يلقي السكان باللائمة على العداء المستمر بين العرب السنة والقادة الكرد.
ويتهم العرب القادة الكورد بالتمييز ضد البقية من غير قوميتهم، كما اتهم العرب السلطات الكردية بسعيهم لضم محافظة نينوى لاقليم كوردستان.
فبالنسبة للساسة الكرد فأن مجتمعهم قد تعرض للاضطهاد حيث قام متمردون بقتل عدة الاف منهم في الموصل مركز المحافظة خلال السنوات الماضية.
ويشكل العرب السنة غالبية سكان محافظة نينوى بينما يعد الكرد اكبر اقلية موجودة هناك.
وحصل الكرد في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2005 على 31 من اصل 41 مقعدا في مجلس المحافظة مما منحهم السيطرة الكاملة على الامن والسياسة المحلية في المحافظة اما في انتخابات عام 2009 فقد تأرجح ميزان القوى نحو العرب السنة والذين فاز ممثليهم ب 22 من اصل 37 مقعدا في مجلس المحافظة.
وقاطع اعضاء مجلس المحافظة الكرد الحكومة المحلية بعد ذلك مما ادى الى عرقلة خطط التطوير لمحافظة نينوى.
وعلى الرغم من هذه النزاعات,الا ان بشائر تحسن العلاقات بين الجماعتين بدأت تلوح في الافق في الشهر الماضي.
ففي خطوة تهدف الى تخفيف حدة التوتر قام اثيل النجيفي محافظ نينوى -من العرب السنة- باعطاء اعضاء مجلس المحافظة من الكرد دورا اكبر، فبينما سيبقى توزيع مقاعد المجلس على حاله سيتم اتخاذ القرارات بتوافق الاراء وليس بالتصويت المباشر.
حيث أوضح النجيفي ان خلافات الماضي مع الكرد قد تلاشت مبينا ان بناء علاقة ايجابية معهم ستخدم مصلحة سكان نينوى "وستتعاون كلتا الجماعتين الان لتوفير مستوى معيشي افضل للسكان".
واصر المحافظ بانه لم يتم تعريض مصالح السنة للخطر بالتغيير الحاصل.
اما ديندار عبد الله نائب رئيس مجلس المحافظة و هو كردي فقد صرح أن الجميع في نينوى سينتفع من هذه المصالحة.
حيث اعرب بالقول "يتطلب تحقيق مصالح السكان المصالحة بين السياسيين".
واستدرك "ستخدم هذه المصالحة جميع سكان المحافظة سواء كانوا عربا ,كردا ,مسيحيين او اي شيء آخر".
وتعد نينوى واحدة من اكثر المحافظات العراقية تنوعا حيث يتألف سكانها ايضا من المسيحيين والايزيديين والشبك والاقليات الاخرى بالاضافة الى العرب –غالبية-, والكرد -اكبر اقلية-.
تتاثر المحافظة غالباً بانقطاعات التيار الكهربائي خلال اشهر الصيف غير ان حكومة اقليم كوردستان وعدت اوائل حزيران بتوفير الطاقة الكهربائية خلال هذه الفترة.
ويعزي النجيفي هذا العرض للتغيير السياسي الحاصل داخل مجلس المحافظة.
حيث بين أن هذه الخطوة هي نتيجة للعلاقة الطيبة مع الكرد.
واعرب سكان نينوى ذوو العرقيات والاديان المختلفة عن املهم ان يتمكن الساسة الان من الالتفات لحل مشاكل المحافظة الاخرى.
ويتنبأ يونس صالح ذو الاربعة والثلاثين ربيعا وهو من العرب السنة وصاحب احدى المحال في المحافظة "سيتمكن الساسة الان من تنظيم مشاريع في المحافظة بدلا من الانشغال بالجدالات".
اما مرفت عبد القادر ذات السبعة والعشرين ربيعا وهي معلمة كردية تعتقد بان التطورات السياسية الحديثة قد تمثل نقطة تحول في تاريخ الاقليم المضطرب مؤخرا.
حيث تعلق بقولها "انا متفائلة ان وقت العنف قد انقضى وقد نحظى بكهرباء افضل هذا الصيف".
ويقول يونادم توفيق 56 عاما وهو موظف مسيحي بان السكان في نينوى انسجموا مع بعضهم البعض رغم الاختلافات العرقية وعلى ممثليهم المنتخبين ان يتعلموا المثل "عندما يتحول الساسة الى اشخاص مسالمين يعم الهدوء حياتنا".
واستدرك بالقول "نعيش نحن المسيحيين والكرد والعرب سوية فليحاولوا العيش معا مثلنا".
كما حذر توفيق ايضا من ان الانقسامات وسط قادة نينوى التي قد تطفوا على السطح بسهولة.
ويضيف توفيق "قد يتأثر اي شخص منهم ليشعر بالاحباط من الاخر"، ويستمر بالقول "ثم ماذا؟ المزيد من التوتر بينهم والمزيد من العنف و المشاكل لنا".
اما بالنسبة لبعض المحللين فقد شكلت نينوى سابقة لكيفية تعاون الجماعات المتناحرة في مناطق متعددة العرقيات.
يقول اسامة مرتضى محلل من بغداد "على الساسة التعلم كيفية التعايش بصورة سلمية وتعليم سكانهم فعل ذلك ايضا"، ويواصل بالقول " بدأوا بفعل ذلك لحسن الحظ في نينوى بالرغم من مرور وقت طويل على الساسة لتعلم الدرس فالاقتتال لا يخلف شيء سوى الدم والموت والدمار وليس الرفاهية والحياة الرغيدة وهي مايحلم به الناس".
لكن على الرغم من المشهد المتفائل لا تزل الموصل ساحة للعنف المتكرر, حيث قتل مدنيان وشرطي في هجوم صاروخي على مقر الشرطة في المدينة في الخامس من حزيران، بحسب ماافادت به وكالة الانباء الفرنسية. وفي اليوم ذاته، قتل جنديان عراقيان واصيب ثلاثة مدنيين في انفجار استهدف دورية للشرطة في حي الربيع في المدينة.
احمد يونس، خالد وليد، ومصطفى محمد ، صحفيين متدربين في معهد صحافة الحرب والسلام في العراق.