أعراض 'من الآتي في الدور'
الدول العربية مهووسة بالتحركات الأمريكية المقبلة، ولا يوجد أي نظام قلق أكثر من "بيت-السعود"
أعراض 'من الآتي في الدور'
الدول العربية مهووسة بالتحركات الأمريكية المقبلة، ولا يوجد أي نظام قلق أكثر من "بيت-السعود"
لن تجد كتاب "كره المملكة" في أي مكتبة سعودية، ولكنه مطلوب جداً بين المسئولين رفيعي المستوى الى درجة أن الحكومة طبعت منه طبعة ثانية. المؤلف هو دور جولد و هو متحدث إسرائيلي متشدد. على حد رأيه "الكره" هو شئ متأصل في الفصيلة المتدينة الإسلامية "القاسية"، على حد تعبيره، " الوهابية – والتي تنتمي اليها المملكة العربية السعودية بشكل رسمي والتي يمكن إيجاد أوجه تعابيرها المخيفة في فظاعة أحداث 9/11."
لقد أشبع هذا الكتاب الهوس العربي المعروف باسم "من الآتي في الدور" المرشح التالي للتغيير أو "تغير النظام" والذي سيتجه إليها الصقور المحافظين الجدد في إدارة بوش بعد أن تم التخلص من صدام حسين، من المرجح: سوريا وايران. ولكن يرى السعوديين أسباب جيدة لاحتمال استهدافهم. النفط هو أحدها. فمن ناحية دينية – هذه النزعات المسيحية المتطرفة داخل القيادة الأمريكية إتجاه المملكة السعودية، تشكلان أكثر نقيضان- ذلك هو سبب آخر. ولكن الأهم من ذلك يعتقدون السبب هو وجود العامل الإسرائيلي: الاعتقاد هو بأنها أجندة إسرائيلية يمينية مبنية على أجندة أمريكية يمينية.
كما قال الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي " كحليف أمريكي رئيسي في المنطقة "، " نحن كنا الإسرائيليين " ولكن منافس عربي جدّي بالنيابة عن الفلسطينيين لمسامع الإدارة الأمريكية. "لقد أعطتهم 9/11 الفرصة الذهبية لتصويرنا على أننا قلب الشر ومنبع الإرهاب". فعلياً الكل، الحكام والمحكومين، "محشويين" في آرائهم ضد أمريكا والدولة خائفة مما تخفية أمريكا لها." ولكن رد الحكام على هذا الخوف مختلف بشكل عميق أكثر مما كان يتمناه معظم المحكومين: حاولت الحكومة استرضاء القوة العظمى والتي أصبحت "حمايتها" غير مضمونة، ولكن من الصعب تحمل فقدانها. ولذلك بينما لم تقلع أي طائرة حربية من الأرض السعودية فإن مركز الإرشاد والقيادة في قاعدة الأمير سلطان الجوية قرب الرياض أدار بشكل فعاّل الحرب الجوية في العراق.
لم يوافق "بيت السعود" على إعطاء الوسائل العسكرية للحرب التي استنكرها بشكل رسمي ولكنه حصل على ضمانات أمريكية بأن الحرب ستكون سريعة ومحسوبة وبأن الشعب العراقي سيكون سعيد أكثر بحقيقة إزالة الطاغية أكثر من الحزن على الطريقة التي تمت إزالته بها.
ولكن اتضحت الحرب بأنها قذرة أكثر مما كان متوقع، والخوف بأن ما سيأتي ممكن ان يكون أسوأ. كلما تتضح حقيقة إدارة ما بعد الحرب " الاستعمارية " كلما كان من المرجح أكثر بأن العراقيين سيقومون بتحرير أنفسهم أكثر من "المحررين".
كما قال المعلق عبد العزيز دخيل: " الخوف أبعد من ذلك، دور أفغانستان العرب آت". بالتناقض مع الدول العربية الأخرى، لم يكن هناك هيجان في الشوارع ولا مظاهرات في شوارع السعودية ولكن الحكومة تخشى بأن "تضامن شعبي" مع العراق إذا حصل سيأخذ شكل ديني متطرف وعنيف". فإن شعبية "فكر" بن لادن هبطت منذ 9/11 ولكن قضية العراق بعثت فيها الروح مجدداً.
" من وجهة نظر المسلحين الإسلاميين " كما قال عبد العزيز قاسم وهو محام مقرّب اليهم "هذا وقت الجهاد ضد المعتدي الكافر، هم بإنتظار إرشاد السلطة التي ستوجههم بالضرب."
السلطة بالطبع ستكون نفس النظام السعودي، على أسس "وهابية" خالية من أي عيب والتي كانت قد إنضمت إلى القوات الأمريكية في تجنيد المجاهدين من أجل محاربة الروس في أفغانستان ولكن "العدو الكافر" الآن هو الولايات المتحدة وبريطانيا.
قام النظام بخرط المسئولين الدينين بشكل مرتب لإلقاء محاضرات حول " صلاحية" وشرعية كون الجهاد مناسباً .وقد قامت السلطات بإعتقال المئات من المشتبه بإنتمائهم لتنظيم القاعدة خوفا من تجديد الإرهاب ضد الغربيين في المملكة نفسها.
" الكل يعتمد على تطور الوضع العراقي " كما قال محسن عواجي، إسلامي ومعتقل سياسي سابق، ولكن الإسلاميين حاليا هم مثل البركان الذي على وشك الانفجار، وخوفي أنهم سيهاجمون أي عدو وليس فقط أمريكيين وبريطانيين ".
أي "جهاد" سيوجه فعلياً على الحكومة السعودية لأن ذلك ليس فقط تطرف ديني وكره لأمريكا التي حصلت على تعاطف أسلوب القاعدة العسكري، ولكنه عدم رضى عام عن الحكومة الذي ينمو بسبب إنتشار الفقر ونقص مؤسسات حديثة التي تمثل هذا الصوت بعدم-الرضى.
من الواضح جداً ان قليل من السعوديين يريدون مشاهدة نهاية حكم " عائلة السعود " و هو نظام مع كل عيوبه يقارنونه ويفضلونه على أي نظام آخر في المنطقة ولكن كما قال توفيق الزغير : "إسلام معتدل: يجب التغيير وأن يبنى شرعيته على أسس جديدة : الديمقراطية. "
توجد ميول إصلاحية واضحة لدى ولي العهد الأمير عبد الله، وهو محبوب بسبب ذلك ولكنه يقف وحده، تقف في طريقة المجموعة المنافسة والتي تتمحور حول الملك فهد الذي أقعده المرض والذي يخاف أعضائها البارزين من أي تغيير جدي من شأنه أن يؤدي إلى موت النظام بأكمله."
هذا هو أسلوب خطير" قال الصحفي داوود شريان "بعد العراق، بداية الإصلاح،على الأقل، هو أمر في غاية الأهمية ".
عدا ذلك الكثير يخشون بأن البلد ستشهد خطر عدم الاستقرار الداخلي. السيطرة على حقول النفط وتقسيم المملكة وقد كان اقترح بعضهم ذلك. كما قال دبلوماسي غربي "بالنسبة للسعوديين الاجتياح ليس خطر جدي على الرغم من أنه من المؤكد بأنه بين الأشباح والعفاريت التي تلاحقهم."
دافيد هيرست كاتب ومحلل عن الشرق الأوسط ومقيم في بيروت.