اعتقال صحفي في الكوت
اعتقل أحد المساهمين في معهد صحافة الحرب والسلام لمدة ثلاثة أيام بعد ان قام دون قصد بالتقاط صورة لجندي عراقي
اعتقال صحفي في الكوت
اعتقل أحد المساهمين في معهد صحافة الحرب والسلام لمدة ثلاثة أيام بعد ان قام دون قصد بالتقاط صورة لجندي عراقي
قبل ثلاثة أيام كنت خارجاً لانجاز مهمة صحفية في الكوت، التي تقع الى الجنوب الشرقي من بغداد. وفيما كنت واقفاً اراقب بعض رجال الحرس اوطني في تقاطع طريق السلدة في مركز المدينة، سألت أحدهم اذا كان بالامكان ان ألتقط صورة له أمام ملصق انتخابي.
وذهب الجندي الى الملازم المسؤول عنه لطلب الموافقة، وقد حصل عليها. وعندما عاد، التقطت له الصورة.
وفي هذا الوقت تماماً، ترجل ضابط آخر برتبة ملازم أول من سيارته الجيب العسكرية، واعتقلني، وأخذني الى المقر المحلي للحرس الوطني.
وكان هناك رائد أمر بوضعي في السجن، ولما قمت بالاحتجاج بأقصى ما يمكن من أدب حيث قلت له "عذراً، أود فقط ان أتحدث معك." فكان رده "لاتضطرني الى صفعك وطرحك أرضاً."
وهكذا أصبحت في السجن في منتصف نهار يوم 24/ كانون الثاني، بعد ان أخذ الحرس الوطني كل شيء كنت أحمله معي، بما في ذلك هاتفي النقال والهواتف الفضائية.
كان السجن مزعجاً ـ قذر جداً وعفن الرائحة.
وكانت جدران الزنزانة تحمل شعارات كتبها النزلاء السابقون. وقد جاء في أحد الشعارات رسالة تقول "الحرية كنز لا يختفي، ولكن أين هو؟"
وبقيت في الزنزانة حتى الساعة الخامسة من ذلك المساء، وكانت رائحة الزنزانة عفنة جداً حتى شعرت باني أختنق، ونساءلت اذا ما كنت أستطيع ان أحشر نفسي خلال النافذة لأخرج، وفي يأس مطبق صرخت "رجاء، دعوني أخرج."
وخلال ثلاث دقائق، فتح الحراس الباب وأمروني ان أستدير لأواجه الجدار. ثم أوثقوني وعصبوا عيني، واقتادوني الى غرفة حيث التقطوا صورة لي. وبعد ذلك اقتادوني الى غرفة أخرى حيث أزالوا عصابة النايلون الأسود عن عيني، وكان يقف أمامي هناك الضابط نفسه الذي قام باعتقالي في البداية، وعلمت لاحقاً انه من الاستخبارات العسكرية.
وسألني أولاً: لماذا جئت الى الكوت. أخبرته انني صحفي، وطلبت منه الاتصال بالمنظمة التي أعمل لديها، لكنه استنكر الفكرة، وبدلاً من ذلك سألني "لماذا كنت في تكريت قبل يوم من ذلك؟" وصدمت فعلاً لأنه يعرف ذلك، ولكني أدركت لاحقاً انه عرف ذلك من قرص الحاسوب الذي صادره مني وهو يحتوي على التقارير والمواضيع التي كتبتها. ولم يقتنع ضابط الاستخبارات، وقال انه سوف يحيلني مع أوراقي الى قسم مكافحة الارهاب في الساعة السابعة من مساء اليوم نفسه.
وأعادني رجاله الى الزنزانة. وبعد فترة جلبوا شخصاً آخر معي، وكان وجود رفيق لي بمثابة نوع من الراحة. وكان عمر الزميل الجديد (22) سنة واسمه علي كاظم. وسألته عن سبب القاء القبض عليه، فأجابني "اعتقلت وانا على دراجتي في حي الضباط."
وبعد نصف ساعة جاء الجنود وأخذوا علي للتحقيق. وعاد مرة أخرى بعد ساعة وهو يبكي ويصرخ قائلاً "لقد عذبوني، رفسوني ولكموني" وظل يبكي طول الليل.
كانت الغرفة باردة جداً، قمت ببعض التمارين للتدفئة، لكن حتى ذلك كان دون جدوى. وبدأت أشعر بالمرض.
وفي الصباح التالي، بقينا في الزنزانة. وجلب الجنود شخصين آخرين اعتقلوهما وسط المدينة. زكان الاثنان من بغداد، وجاءا الى الكوت لمتابعة سيارتهما المسروقة، حتى انهما قد حصلا على موافقة من وزارة الداخلية للقيام بذلك. لكن الحرس الوطني لم يصدقهما. ويبدو اننا جميعاً بالنسبة اليهم ارهابيون.
وفي الساعة الثالثة بعد الظهر من يومي الثاني في الاعتقال، اوثقوني وعصبوا عيني، وأرسلوني الى قسم "محو الارهاب".
وما ان وصلت الى هناك حتى بدا وكأن الأشياء بدأت تتغير، فقد أخبر أحد الضباط رجاله بتهيئة غرفة دافئة لي حتى يمكن ان آخذ قسطاً من الراحة وان لا يضعوني في زنزانة مرة أخرى. واستطعت ان أنال بعض الراحة، ثم أخبرني الضابط نفسه، بعد ذلك، انني سأقضي الليلة معهم وسوف يرافقني في اليوم التالي الى المحكمة. وقال ان سراحي سيطلق بعد ذلك.
وفي الصباح التالي، جاءني رجل شرطة وقدم لي بعض الأدوية، ثم تناولت الفطور مع الموظفين في قسم مكافحة الارهاب،. وأخذوني بعد ذلك الى المحكمة، حيث وجدت القاضي يبتسم لي ويخبرني بعدم وجود أية مشكلة، وانني غير متهم بأية تهمة. وأمر باطلاق سراحي.
وسألني القاضي أيضاً ان كان قد سرق مني أي شيء، فقلت نعم، قرص الحاسوب ودفتر ملاحظات وأقلام حبر. فقال "نحن آسفون لسجنك ثلاثة أيام. أرجو ان تقبل اعتذارنا."
*لم يذكر اسم كاتب التقرير من أجل حماية مندوبي معهد صحافة الحرب والسلام