ما تزال نظريات المؤامرة باقية في عهد ما بعد صدام
لقد أثبت ثلاثون عاماً من استغلال الدولة ان من الصعوبة لبعض العراقيين التخلي عنه
ما تزال نظريات المؤامرة باقية في عهد ما بعد صدام
لقد أثبت ثلاثون عاماً من استغلال الدولة ان من الصعوبة لبعض العراقيين التخلي عنه
لقد استخدم صدام شأنه في ذلك شأن الدكتاتوريين في كل أنحاء العالم بشكل جيد نظريات المؤامرة لاستغلال شعب العراق وضمان الاخلاص لنظامه طول (30) سنة من حكمه للعراق.
وتقول النظرية المقبولة دولياً ان الناس اذا ظلوا باستمرار يعيشون في حالة تأهب وانذار من احتمال هجوم يشنه أعداء بشعون متعددو الأطراف يأتون من خارج البلاد، فلن يكون أمامهم وقتاً كافياً للتركيز على الأخطاء التي ترتكب في الداخل.
ويقول هادي حسن، استاذ الادارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية في بغداد بان استخدام البعثيين لمثل هذه المناورات العقلية كان ناجحاً جداً "لقد حافظ النظام السابق على اقتناع الناس بان ثمة فعلاً خطراً ومؤامرة ضد العراق مصدرهما بقية العالم. ان وسائل الاعلام جميعها كانت تتحدث عن ذلك وتقول انها منبثقة من حقيقة ان العراق بلداً تقدمياً سائراً نحو الديمقراطية وتقرير المصير."
ويوافق على ذلك ثامر صالح، أستاذ الطب في جامعة الكوفة في العاصمة العراقية قائلاً "لقد خدع البعثيون العراقيين لمدة ثلاثين سنة بان هناك مؤامرة أجنبية ضد العراق. وقد عبئوا الطلبة والاعلام منذ عام 1968 لمواجهة ذلك التهديد. واعتمد النظام على تلك الفكرة لتبرير سلوكه ضد الدول المجاورة."
أما بالنسبة لباسم حمزة، طالب ادارة، فان تلك الأفكار أوجدت فجوة بين العراق وبقية أنحاء العالم وتسببت في ابقاء العراق متخلفاً، وقال "لقد عزل النظام العراق عن العالم الخارجي وعن التطورات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية."
وكما هو الحال مع الدكتاتوريات الأخرى في العالم، فقد استخدم النظام نظريات المؤامرة هذه كعصا غليظة لضرب الشعب بها.
وقال أمير علي، طالب في جامعة بغداد "لقد اشغلت نظريات المؤامرة الشعب بالخطر الماثل من الخارج، لذلك وجهوا اهتماماً أقل للانتهاكات التي تمارسها الحكومات في الداخل.
ولاظهار ان العادات القديمة تموت بصعوبة، أضاف أمير ملاحظة حذرة عن تصرفات الكثير من المنظمات غيرالحكومية التي انتشرت من أجل المساعدة في عملية اعادة اعمار العراق ما بعد الحرب. وقال "ان المنظمات التي تعمل في العراق حالياً، تدعي انها تعمل من أجل مصلحة العراق، إلا انها قد تكون مرتبطة بوكالات أجنبية ولا يمكننا ان نحكم عليها ما لم نعرف مصادر تمويلها وأهدافها."
ولا يقف أمير لوحده في هذا الشأن، بل ان عدداً كبيراً من العراقيين يعاملون الوكالات الانسانية بشكوك متزايدة، مؤمنين بان الأمريكان والاسرائيليين يرسلون عملاءهم ويعملون من خلالهم على تدمير العراق.
ويبدو ان سمير علي رجل الأعمال المتقاعد ما يزال متمسكاً بعقلية النظام السابق، وقال "ان أعداءنا أذكياء، وهم يتآمرون دائماً ضد العراق، والوكالات التي تعمل هنا هي في الحقيقة عميلة لاسرائيل وأمريكا."
وفي الوقت الذي ما يزال فيه بعض العراقيين متشبثين ببقايا نظريات المؤامرة القديمة، فان بعض الناس يعترفون ان بلدهم بدأ في التدهور في عهد صدام. لقد كان استخدامه اسلوب المفاضلة والاعتماد على التقاليد العشائرية لتقرير مصير البلاد مدمرين بشكل خاص.
وقال صباح حسين أحد القادة البارزين في المؤتمر الوطني العراقي "ان المسيرة الثقافية والتربوية لشعب العراق قد توقفت قي السبعينات من القرن الماضي عندما تسلم حزب البعث مقاليد السلطة في البلاد، حيث قام صدام باغتيال الشخصيات السياسية وطارد المثقفين حتى غادر معظمهم البلاد للعيش في الخارج. وتبنى صدام نظرية الحزب القائد والفكر الواحد. واذا لم تتفق مع البعثيين فانك تقتل او تسجن."
وبينما يبدو معظم العراقيين متفائلين بان بلدهم سيكون قادراً على الانتقال من هذا الوضع، وسيبدأ الشعب بالتطور مرة أخرى فكرياً، فان القضية ستكون متركزة في مدى الوقت الذي تتطلبه هذه العملية. ويعتقد الاستاذ أحمد حسين في الجامعة التكنولوجية ان العملية قد تأخذ أكثر من عقد من الزمن لدفع عقلية الشعب نحو التغييرالكامل. وقال "قد يحتاج الأمر الى (15) سنة لاعادة تأهيل عمليات التفكير ومدها بثقافة الوعي العالمي الموجود في الغرب."
*حسين علي وعلي مرزوق ـ متدربان في معهد صحافةالحرب و السلام ـ بغداد