مستقبل محاكمة لوبانغا في خطر
سيقرر قضاة المحكمة الجنائية الدولية قريباً ما إذا كان لا بد من استمرار حالة الاضطراب في جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد زعماء الحرب.
مستقبل محاكمة لوبانغا في خطر
سيقرر قضاة المحكمة الجنائية الدولية قريباً ما إذا كان لا بد من استمرار حالة الاضطراب في جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد زعماء الحرب.
متهمين النيابة العامة باستغلال سلطتها، ونص قرار الثالث عشر من حزيران على أن محاكمة توماس لوبانغا "أُجلت لدرجة أصبح من المستحيل معها تجميع العناصر الأساسية لمحاكمة عادلة".
وقد كان من المقرر أن يقدم لوبانغا المتهم بتجنيد الأطفال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية للمحاكمة في الثالث والعشرين من حزيران بعد أكثر من سنتين من وجوده في عهدة المحكمة الجنائية الدولية، وهذه هي القضية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية ولذلك تمت مراقبتها عن كثب ولا سيما في الكونغو حيث تصاعد الاهتمام في الأسابيع الأخيرة بسبب تأخرها كثيراً – ومع الانتظار بفارغ الصبر ـ ستبدأ المحاكمة أخيراً.
بيد أن القضاة في الأسبوع الماضي أبقوا القضية على حالها وألقوا اللوم على النيابة العامة لعدم تسليم الأدلة الرئيسية لفريق الدافاع عن لوبانغا، وقد كان من المقرر إجراء المحاكمة أصلاً في الواحد والثلاثين من شهر آذار ولكن أجلت للسبب نفسه.
وقد كتب القضاة في قرارهم :"بداية، من الواضح أن الشروط الأساسية لإجراء محاكمة عادلة مفقودة وليس هناك ما يكفي للدلالة على أنه سيتم حل ذلك خلال عملية المحاكمة ولذلك من الضروري – بل إنه لا مفر من- وقف الإحراءات".
"سيكون خطأ فادحاً أن تبدأ المحكمة الجنائية أو أن تستمر، في حال اتضح منذ بدء المحاكمة أن نتيجة الحكم النهائي ستكون أن فاسدة لفساد الإجراءات بسبب الغبن الذي لن يتم تصحيحه."
وتدور الكارثة الأخيرة حول أكثر من مئتي وثيقة مقدمة إلى النيابة العامة من قبل الأمم المتحدة وغيرها، حيث اعترف المدعون العامون بأن هناك بعض الوثائق التي تبرئ ـ أو قد تحتوي على أدلة قد تبرر أعمال لوبانغا أو تثبت أنه غير مذنب.
ومع ذلك فقد حصلت النيابة العامة على هذه الوثائق في إطار اتفاق سري وبالتالي لا يمكن أن تعرض على محامي الدفاع أو القضاة.
علماً بأن القانون الذي يقوم عليه نظام روما الأساسي للمحكمة يسمح بمثل هذا النوع من الاتفاقات في ظروف استثنائية فقط، وفي حال قام المدعي العام بنفسه بإجراء تحقيقات للتأكد من المعلومات المقدمة.
وأشارت لورين سميث من رابطة المحامين الدولية إلى أن " الغاية من هذا القانون هي تمكين أعضاء النيابة العامة من الحصول على المعلومات الرئيسية من الجهات الدولية الفاعلة العاملة في منطقة النزاع".
وشددت على أن المقصود من المعلومات التي يتم الحصول عليها من مصادر سرية ليس دعم التهم بل مساعدة المدعين العامين في إيجاد أدلة جديدة.
وأضافت سميث :"لهذا السبب من الممكن للمصدر الذي يقدم المعلومات تقرير تقييد استخدامها، كأن يقرر مثلاً أن على المدعي العام ألا يكشف عن هذه المعلومات ولا حتى للقضاة".
وأضافت جيرالدين ماتيولي من منظمة مراقبة حقوق الإنسان : "كثيرا ما يكون هناك أسباب وجيهة لرغبة مصادر المعلومات بالحفاظ على السرية التامة كحماية الموظفين ولمسائل أمنية ولأن المنظمات مثل [بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية] قد تتعرض للهجوم إذا قدمت الملفات إلى المحكمة."
ولكن القضاة يذهبون إلى أن المدعين العامين استغلوا القانون بشكل خاطئ.
ووصفوا استخدام المدعين العامين للاتفاقات السرية في قضية لوبانغا بأنها غير ملائمة وغير سليمة، واشاروا إلى أنهم اضطروا إلى الكشف عن الأدلة للدفاع بشكل صحيح.
فعندما تداولت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في سلطات المدعي العام ـ أثناء إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في عام 1998ـ قررت أن مهمة المكتب الأساسية هي الكشف عن الحقيقة وليس مجرد إدانة المدعى عليه، وهذا يعني أن على المكتب أن يعرض على محامي الدفاع الأدلة التي قد تخفف من الذنب أو تدعو إلى التشكيك فيه.
وكان المدعون العامون قد اعترفوا بصراحة بأنهم لن يتمكنوا من الشروع في التحقيقات في جمهورية الكونغو الديمقراطية دون المعلومات التي قدمتها الأمم المتحدة في إطار اتفاقات سرية.
وقد أوضحت بياتريس لي فرابر دو هيلن من مكتب المدعي العام ذلك بقولها: "هذا يعكس مشكلة صعبة فى عملية اختيار التحقيق الأول في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كان علينا أن نحصل على الكثير من المعلومات لتحديد مختلف قادة الجماعات والمجرمين المحتملين."
ومع الخطر الشديد الذي يحيط بالقضية الحالية تقرر عقد جلسة استماع في 24 حزيران لمناقشة الإفراج عن لوبانغا.
فقد كان منذ نقله من السجن في كينشاسا في آذار 2006 في الحجز في لاهاي بتهمة تجنيد وتعبئة الجنود الأطفال للقتال في إيتوري وهي المنطقة الغنية بالمعادن في شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والتي شهدت حرباً دامية بين الجماعات العرقية منذ نهاية الثمانينات كان تهدف غالباً للحصول على الذهب والماس والأخشاب.
وهو مؤسس اتحاد الوطنيين الكونغوليين والقائد لجناحها العسكري ـ القوى الوطنية لتحرير الكونغو.
وتعتقد ماتيولي أنه لايزال من الممكن إنقاذ القضية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية إذا تمكن المدعون العامون من إقناع الأمم المتحدة بالسماح للقضاة بالاطلاع على الوثائق السرية.
وصرحت ماتيولي:"هذا هو الحل الوسط الذي قدمه القضاة" وأضافت "يقول القضاة : سوف نلقي نظرة على الوثائق وسنقرر في ما إذا كانت تبرئ المتهم ."
"وإذا لم يوافقوا على ذلك سنكون في مشكلة خطيرة".
وأعلنت لى فرابر دو هيلن أنه يتعين الآن على القضاة أن يقرروا ما إذا كان لوبانغا سيقدم للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية أم لا.
قالت:"نحن ننظر في اتخاذ القرار وهناك الكثير من القضايا الأساسية" وأضافت "سوف نحاول حل المشاكل القانونية التي طرحت في إطار اتخاذ القرار، ونحن على أمل أن يحدد تاريخ بداية جديدة للمحاكمة في وقت قريب جداً."
"إنني أشدد على أن هذا ضمن سلطة واختصاص القضاة بشكل كامل، وعلينا احترام قرارهم احتراماً كاملا ونرغب جميعاً في أن تعتبر جميع إجراءات ووقائع المحاكمات عادلة تماماً وعلى أعلى المعايير القانونية ".
وعندما سئلت عما إذا كانت النيابة العامة ستغير استراتيجيتها أجابت دو هيلين : "لقد التزمنا دائماً بتقديم معلومات إلى الدفاع، والمسألة المهمة الآن هي إيجاد توازن مع التزاماتنا أمام مصادر المعلومات ونعتقد أننا سنتمكن من إيجاد حل مناسب ".
وأما على أرض الواقع في الكونغو فإن التأخير الغير مسمى الأجل لمحاكمة لوبانغا يعد كارثة في العلاقات العامة للمحكمة.
ويشعر كثير من الكونغوليين بالإحباط وبعدم الارتياح، في حين أن مؤيدي لوبانغا يحاولون استغلال ذلك مشيرين إلى أن الأحداث الأخيرة دليل على أن لوبانغا غير مذنب. وقالت ماتيولي: على المحكمة الجنائية الدولية أن تتخذ إجراءات فورية لمواجهة أي تضليل.
وقالت :"نتطلع إلى أن تقوم المحكمة بحملة توعية خاصة لشرح هذا القرار للشعب الكونغولي" ثم أضافت "إن ذلك سيؤدي إلى خلق الكثير من البلبلة لذلك عليهم أن يشرحوا أساس عمل المحكمة- والتأكد من الحفاظ على جميع حقوق المتهم ".
كاتي كلاسبورو وليزا كليفورد، مراسلتان صحفيتان ـ معهد صحافة الجرب والسلم في لاهاي