سامراء في قبضة الموالين لصدام
الحرس الجمهوري يقود التمرد في سامراء
سامراء في قبضة الموالين لصدام
الحرس الجمهوري يقود التمرد في سامراء
عادت سيارات المدنيين بعد اغلاق طريق بغداد السريع على بعد (10) كلم خارج سامراء. الخطر يتضح من خلال وجود كاسحة ألغام أمريكية ضخمة تمشط جانب الطريق بحثاً عن العبوات الناسفة.
أما في داخل المدينة، فقد كان الرجال في نقطة التفتيش يرتدون لباس الحرس الجمهوري ذا اللون الأخضر الداكن والجزم الحمراء. كانوا يقفون في ظل عتبة سامراء المقدسة ذات القبة الذهبية، بعيداً عن أنظار الجنود في القواعد العسكرية الأمريكية وفرق الحرس الوطني العراقي القريبة.
وقال النقيب السابق في الحرس الجمهوري وهو يتحدث لمراسل معهد صحافة الحرب والسلام "نحن نسيطر على الوضع، لأن رجال الحرس الوطني جبناء وخونة".
وكان رجال الشرطة ينظمون حركة المرور فيما كان أعضاء نخبة صدام السابقين يراقبون.
وقال ضباط الحرس انهم منعوا الحرس الوطني والقوات الأمريكية من القيام بدوريات في شوارع هذه المدينة الممتدة على نهر دجلة شمالي بغداد.
وعندما قام مراسل معهد الصحافة بزيارته لسامراء، كان رجال الحرس الجمهوري يخططون لطرد الحرس الوطني والقوات الأمريكية خارج قواعدهم الحصينة، وان يجعلوا سامراء تحت سيطرة المتمردين كما هو الحال في الفلوجة.
وهز انفجار هائل المدينة بعد الساعة الحادية عشرة قبل الظهر. وأصبح الشارع خارج قاعدة الحرس الوطني في الزاوية الشمالية الشرقية للمدينة مشهداً للفوضى، حيث كان رجال الحرس الوطني ينقلون في سيارات الاسعاف من الشارع.
وذكر ان عبوة ناسفة انفجرت داخل القاعدة، محطمة جزءاً من المبنى.
وركض رئيس الحرس الوطني في المدينة عدنان ثابت الى الشارع وهو يضرخ في رجاله قائلاً "لماذا لم تشاهدوا السيارة المفخخة مقبلة؟ أين كنتم؟"
ووافق على الإجابة على سؤال واحد فقط من أحد الصحفيين. مع ذلك، فانه قد زأر بغضب عندما سؤل "لماذا لا تستطيعون السيطرة على الوضع داخل سامراء؟" ثم قال "اذا كانت أمريكا لا تستطيع فعل ذلك , فكيف أستطيع أنا؟"
وجاء رجال يركضون عبر الشارع وهم يصيحون "اذهبوا، اذهبوا، اذهبوا. سيبدأ الهجوم. ستتعرض القاعدة الى هجوم بالهاونات من الحي الصناعي".
وبدأ حشد المارة يهرب مذعوراً.
وبعد عشرة دقائق، تهيأت بطرية مدافع الهاون التابعة للمقاتلين لاطلاق النار في منطقة مفتوحة بالقرب من الحي الصناعي في المدينة.
وكان مايقارب (20) جندياً بلباس الحرس الجمهوري يستعدون لاطلاق النار من (13) مدفع هاون، في حين كان فريق مسلح بصواريخ مضادة للطائرات لمدفع ستريللا المحمول على الكتف واقفاً في الاستعداد على سطح فندق مجاور.
وكان ثمة رجل يحمل رتبة لواء ينصت في هاتفه الخلوي بانتظار الاشارة.
وكانت عشرة من المدافع من عيار 82 ملم، وهي فعالة بشكل رئيس ضد القوات في العراء, إلا ان ثلاثة منها من النوع الثقيل عيار (120) ملم، مصنوعة بعدة أنواع في الاتحاد السوفياتي السابق، وهي قادرة على احداث ضرر كبير.
وقال اللواء في اجابة على سؤال الصحفي "لا أستطيع ان أخبرك بما سيحدث، سترى بعينيك. إبق هنا ثم انشر الحقيقة للعراقيين."
وفي الساعة 11,30 بدأت مدافع الهاون تطلق النار.
وبعد كل اطلاقة يقوم مراقب في الأمام بابلاغ اللواء عن مكان سقوط القذيفة، وعلى وفق ذلك يقوم الرماة بتصحيح الاتجاه ثم يطلقون النار مرة أخرى.
استمرت مدافعهم تطلق النار لمدة (90) دقيقة تخللتها فترات توقف طول كل واحدة منها يصل الى (15) دقيقة.
وبدأ الدخان يرتفع في سماء المدينة إلا ان القوات الأمريكية لم ترد على اطلاق النار.
وفق تقارير الجيش الأمريكي، فقد قتل (4) جنود ودمرت بناية داخل القاعدة الأمريكية القريبة من بناية الحرس الوطني.
وفي الساعة الواحدة بعد الظهر، ظهرت طائرات أباتشي الهجومية الأمريكية تحوم فوق المدينة، في حين قام فريق الهاون بتفكيك أسلحتهم وحملوها بعيداً.
وشكل الجنود في القاعدة الأمريكية قافلة من الشاحنات، فيما وقفت الدبابات في الحراسة، وقامت طائرات الأباتشي باطلاق النار من حين لآخر داخل المدينة بصواريخ نوع"نار جهنم" ومدافع عيار (30) ملم الاوتوماتيكية.
وبعدما غادر الأمريكان القاعدة وصل اللصوص الذين اندفعوا الى الداخل ليظهروا بعد ذلك حاملين اجهزة تلفاز ومعدات ارسال فضائية وأجهزة أخرى.
لكن الطائرات السمتية سرعان ما عادت لتطلق النار على اللصوص، وارتفعت غيوم من الغبار من القاعدة حيث سقطت العديد من القذائف.
رجل واحد جرح في ساقه بينما كان يركض في الشارع حاملاً جهاز تلفاز. وبعد ثوان، اندفع هذا المراسل من معهد صحافة الحرب والسلام نحو مكان اختباء آخر عندما انفجرت قذيفة من عيار (30) ملم في السقف خلف الباب المعدنية لأحد المحلات.
قصفت الأباتشي المنطقة الصناعية، فيما كانت تدور وتطلق صليات من (4) صواريخ، ثم تدور وتطلق النار مرة أخرى.
ودمرت الطائرات السمتية الطابقين العلويين لفندق المهدي، حيث كان موقع فريق مدفع الستريللا، واندلعت النيران في الغرف.
واندفعت صواريخ ستريللا والنار المعقبة نحو الأعلى باتجاه الطائرات، إلا انها أخطأت هدفها، سامحة للطيار بالانسحاب لتظهر بعد ذلك فجأة القاذفات المقاتلة من طراز ف ـ 16 لتحل محل السمتيات.
وتكومت العوائل الى جانب هذا المراسل في السيارات التي تسابقت للخروج الى الأمان عبر نهر دجلة. وسمحت لهم القوات الأمريكية التي تحرس الجسر بالمغادرة.
وكانت مجموعة من الكاميرات تنتظر خلف الدبابات تماماً.
وسمع دوي انفجار هائل عبر النهر. اهتزت الأرض وتكسر الزجاج في نوافذ المحل المجاور فيما تصاعد الدخان من المدينة.
واستمر التكبير ينطلق من المساجد عبر مكبرات الصوت مردداً "الله أكبر، الله أكبر" بالضبط مثلما حدث عندما اندلع القتال قبل أربع ساعات مضت.
*عقيل جبار ـ بغداد