يهرب صيادوا السمك في البصرة الوقود المدعوم
يتم تسيب النفط العراقي وبمعدلات كبيرة تدعوا للقلق عبر الحدود الجنوبية، لكن يقول خفر السواحل انهم لا يملكون المصادر او الوسائل لمنع التهريب.
يهرب صيادوا السمك في البصرة الوقود المدعوم
يتم تسيب النفط العراقي وبمعدلات كبيرة تدعوا للقلق عبر الحدود الجنوبية، لكن يقول خفر السواحل انهم لا يملكون المصادر او الوسائل لمنع التهريب.
اخبر الصيادون الذين يصطادون على سواحل البصرة، التي تقع بين الكويت وايران، مراسل معهدنا ان تهريب النفط موجود بسبب صعوبة الحياة هنا ، في واحدة من اكثر المحافظات العراقية فقرا.
يحصل اصحاب مراكب الصيد وكذلك اصحاب القوارب الاخرى على حصة رخيصة من وزارة النفط تتراوح بين 5-30 طن شهريا اعتمادا على حجم المركب.
رغم ان العراق يعتبر منتجا رئيسيا للنفط، الا انه يستورد كمية كبيرة من المنتجات النفطية التي يحتاجها لان قابلية المصافي المحلية لا تزال غير قادرة على تلبية الحاجة المحلية بسبب التخريب الذي تقوم به المجموعات المسلحة.
يكلف النفط المستورد الحكومة 700 دولارا للطن، لكن الصيادين يحصلون عليه بقيمة واحد بالمائة من ذلك السعر، فهم يشترونه من الدولة بعشرة الاف دينار عراقي ، أي مايعادل نصف سنت امريكي للتر الواحد.
يقدر اياد اسماعيل جاني، مدير القسم الجنوبي لحماية المنشات الصناعية النفطية، ان الصيادين يبيعون الوقود نفسه بين 400-500 دولارا للطن الواحد، وهو ليس اقل من السعر العالمي للنفط.
واضاف"ظاهرة التهريب خطرة لأنها تدمر اقتصاد البلد".
قال معتصم اكرم، وزير النفط السابق في الحكومة المنتهية ولايتها، ان التهريب واستهداف انابيب النفط كلف الدولة خمسة مليارات دولار في 2004 و سبعة مليارات دولار في العام الماضي.
وعدت الحكومة الجديدة التي اعلنت الاسبوع الماضي بانها ستضع في اولوياتها مكافحة السرقة والفساد في مجال الصناعة النفطية. النفط هو قلب الاقتصاد العراقي، والعراق يملك ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم.
يبيع الصيادون عادة نفطهم الى القوارب الإيرانية التي تكون محملة بالبضائع في ميناء ابو فلوس في ابي الخصيب، 40 كم جنوب شرق البصرة.
قال اياد عبد علي الذي يعمل قبطانا على احدى السفن التابعة لوزارة النقل العراقية ان هناك "مافيا نفطية" تنقل النفط الى ايران والى بقية البلدان وبضمنها الامارات العربية المتحدة.
واضاف ان الكثير من الصيادين بدأوا تهريب النفط اثناء حكم صدام حسين من خلال شبكة من الوكلاء يعملون لصالح عدي ابن الرئيس والذي اغتالته القوات الامريكية في 2003.
واستطرد علي" الشبكة الان تعمل بشكل اوسع، لان كل من يملك قاربا او يحمل اجازة صيد بامكانه الحصول على النفط. انهم يبيعونه الى التجار الإيرانيين وغيرهم".
كشفت تحقيقات سابقة لمعهدنا ان موظفي وزارة النفط، مسئولي الأمن، وأصحاب محطات الوقود متورطون جميعا في تجارة وتصدير النفط بشكل غير شرعي.
تقول قوات الامن في البصرة انها لا تستطيع منع التهريب لانها لا تملك المصادر، ولان الحكومة وقوة القانون ضعيفتان في المحافظة.
قال اكرم وزير النفط السابق هناك محاولات عدة لقطع حصة الصيادين الشهرية من النفط وذلك للتقليل من التهريب. ولكن في كل مناسبة، تتحفظ الوزارة وتتراجع عن القرار بسبب مظاهرات الاحتجاج والتهديد لكادرها.
يقول العميد عبد الهادي عبد الله من شرطة البصرة انه استلم تهديدات من عوائل المهربين الذين ألقى القبض عليهم. واخبر مسؤلي خفر السواحل انهم تعرضوا لإطلاق نار من قوارب صيد إيرانية أثناء مطاردتهم صيادين عراقيين يشك في كونهم يهربون النفط.
قال الرائد احمد حسن من خفر السواحل ان المهربين محترفون ويتفننون في اخفاء الوقود في قواربهم لذا ليس من السهولة القبض عليهم.
قال العقيد نجم عبد الله مسؤل دوريات خفر السواحل ان امكانياتنا غير جيدة لمواجهة المهربين، وحتى ان وجدت، فهي لا تملك الوقود الكافي لتسيير قوارب دورياتها.
واضاف"لا يمكنني مطاردة المهربين الذين يعرفون مكامن النقص فينا. انهم يعرفون اننا لا نملك الوقود الكافي".
قال جهاد العبادي مسؤل اتحاد الصيادين في البصرة ان هناك حوالي 800 قارب مسجل في مؤسسته. الا انه يبدو ان الكثير من الناس يعمد الى شراء القوارب القديمة من اجل الحصول على الإجازة والوقود المدعوم.
في اللقاءات التي اجراها معهدنا مع الصيادين، رفضوا الاقرار بانهم متورطون في التجارة، لكنهم اقروا بوجودها. الكثير منهم اكد على صعوبة توقير لقمة العيش للعائلة من دخل الصيد فقط.
قال سلام على، 45، صياد سمك من البصرة" ان صيد السمك يتطلب الصبر. انها تحتاج الى وقت للربح. الكثير واجه أوقات عصيبة، وبسبب الوضع الاقتصادي السيء فانهم يميلون الى الربح السريع. ولهذا اتجهوا الى التهريب".
قال الصياد علاء محسن، 31، انه يعي المشكلة لكنه لم يمارس التهريب " لأنني أحب الصيد فقط".
واضاف ان التهريب يمكن وقفه اذا سيطرت الحكومة على كل العراق وجعلت الجميع يفهم ان " لا احد فوق القانون".
حيدر الموسوي: صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد