العدالة الغد: I
الجهود المتواصلة لوضع القيادة العراقية تحت العدالة فشلت مما ادى إلى ترك استراتيجية التعامل مع اي قائد معزول غير واضحة.
العدالة الغد: I
الجهود المتواصلة لوضع القيادة العراقية تحت العدالة فشلت مما ادى إلى ترك استراتيجية التعامل مع اي قائد معزول غير واضحة.
واحدة من الاجزاء المفقودة من الاستراتيجية الامريكية في العراق هو كيفيةالتعامل مع القادة العراقيون إن او متىاعتقلوا، بينما "قطع الرأس" هو جزء متمم من الجهد المبذول لتغيير النظام ، فإن السياسة من ناحية قانونية مشكوك فيها في غياب اي مقاضاة للذين استهدفوا.
من ناحية اخلاقيةطبعا، من غير المقبول ان يتم قصف العراقيون من مختلف الرتب وترك رأس النظام تحت شكل معين من الحماية. ولكن يتلكأ القانون الدولي خلف مفاهيم اخلاقية ، و قدر العراقيون الذين من المحتمل اعتقالهم هو غير واضح. هل سيتم ارسالهم الى امريكا؟ ام سيحاكموا في العراق؟ هل سيتم تسليمهم الى محكمة دولية مثلما حصل مع سلوبودان ميوسوفيتش وقادة دول بلقان آخرين ؟ حاليا هناك تساؤلات كثيرة حول شرعية الحرب واعتقال اي مسؤول عراقي سيعقد الاحجية.
بينما تندفع الدبابات الامريكية الى قلب العاصمة العراقية ، الواقع فرض نفسه للتفكير بسياسة: ما العمل مع صدام حسين ومساعديه. النقطة العكسية من تلك هي اكاديمية بينما يسمع الكثير في بغداد حول الرئيس جورج بوش كونه "مجرم حرب"، لا يوجد هناك نطاق دولي جدي ستوفر للحكم في مزاعم فرق قوات الحلفاء لأيا من قوانين الحرب.
في الوضع الطبيعي، فإنه من المفروض ان يستفيد اي قائد عراقي من نفس الامتيازات التي تمنح لأسرى الحرب مثلهم كمثل الجنود الذين سيستسلمون . ولكن "الحرب من اجل العراق"، كمايسمى الصراع في واشنطن ،هو كل شيء الا العادي. حيث شهد طلبا الى بعض من الجنود المستسلمون بارتداء ملابسهم المدنية والتوجه الى البيت. (بشكل مشابه) وضع قانوني مقرب سيتطلب سقوط اي من القادة الكبار او عملاء حزب البعث المحليون في ايدي القوات البريطانية والامريكية.
لماذا لم يتم عمل اي شيء لتوقع هذه المشكلة؟ انه ليس عبثا المحاولة لمدة 12 عاما منذ ان تم اسقاط الفقرة على مسؤولية الحرب من قرار الامم المتحدة لإيقاف النار، القرار 687 والذي انهى الحرب الكويتية يوم 3 نيسان 91. كل شيء كان سيكون مختلفا لو ان تلك الفقرة التي تحمل صدام حسين المسؤوليةالكاملةعلىالاجتياح بقيت في القرار.
ولكن لا يوجد هناك اي مثيل سابق لمحكمة دولية منذ نورمبرغ، ومحاموا مكتب الخارجية البريطاني قلقون من محاكمة مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى الذين لا يستطيعون استدعائهم امام قاض. هذه الغلطة ما زالت تحلق السياسة الدولية.
المانيا اقترحت محكمة للعراق ، ولكن هذه الدعوة تم إغراقها بالجعجعة الأوروبية – الاطلنطية حول فوز مزعوم بالحرب بينما حافظ المسؤولون عنها على بقائهم في القوة..
يوم 5 نيسان 91 طالب القرار 688 ان توقف الحكومة العراقية اضطهادها لشعبه الذي تمرد علىالنظام في الشهر السابق وتم سحقه بشكل عنيف في الشمال الكردي والجنوب الشيعي، ولكن بعد عقد كامل لم يتم تطبيق 688.
بينما تجمعت المعارضة في المنفى الموجودة في الغرب بشكل بطيء ، اكبر تحالف معارضةهو المجلس الوطني العراقي، بدأ جهد يسعى فيه لانشاء محكمة دولية خاصة للتعامل مع القيادة العراقية. وقامت لجنة خاصة بتقديم لائحة باسم 12 شخصية معروفة ببطشها ، من ضمنهم اثنين من ابناء صدام، اثنين من اصهاره، وشخصيات اخرى معروفة مثل علي حسان الماجد الملقب بـ "علي الكيماوي" وطارق عزيز، مبعوث العراق المتنقل.
بعدها قام بعض المسؤولين الامريكيين وبعض قادةالمعارضة العراقية بإضافة بعض الاسماء على اللائحة – متنوعة شملت من العشرات الى 2000 مسؤولون برتب عالية.
تم نشر الدراسةالتي قام بها المجليس الوطني العراقي في مايو 1993،بنفس اليوم الذي انشأ فيه مجلس الامن بشكل معلن المحكمةالجنائية الدولية لدولة يوغسلافيا سابقا.
على الرغم من السابقة الواضحة، لم يكن بالامكان انشاء محكمةمشابهة للقادة العراقيون مع انه يوجد لديهم سجل جنائي اكبر ويعود ذلك بشكل كبير الىتخاذل الشرق الاوسط لتسجيل سابقة من شأنها ان تهدد قادة عرب آخرون و ايضا يعود ذلك الى عدم متابعة الموضوع من قبل الادارةالامريكية والمعارضة العراقية.
في صيف 1996 طرح الامر مجددا في لندن خلال تأسيس منظمة – بمقاضاة- التي سعت الى تأسيس محكمةخاصة من اجل قضايا مثل دولة يوغسلافيا سابقا ورواندا.
على الرغم من انه تم التصديق عليها من تحالف كبير وثم دعمها ماديا من قبل حكومات واحزاب مختلفةبما يضم ذلك الكونغرس الامريكي، النجاح الاولي "لمقاضاة" لم يكن حادا وقويا بسبب سوء الادارة وبسبب سياسات "التقسيم والحكم" في مؤسسة الدولة ووحدة المخابرات المركزية . هذا وقد رفضت ادارة كلينتون ان تقوم بأي عمل جدي اتجاه العراق لمدة 8 سنوات من سلطتها، وقد تم خسارة القوة الدافعة ل"مقاضاة".
ولكن جهود "مقاضاة" اغرقت في الرمال، سابقة بينوشيت في لندن حيث فتحت نافذة جديدة امام العدالة الدولية: من خلال : محاكم قومية.
الطريق الوطني الواعد كان من خلال بلجيكا، والتي صادقت عام 1993 على قانون يسمح للمحاكم البلجيكية بمحاكمة المتهمين بخرق خطير للقانون الدولي الانساني،حتى وان لم يكونوا في بلجيكا. عن طريق استخدام هذا القانون تمت محاكمة روانديين ، وثم تمت إدانتهم والحكم عليهم بفترات سجن طويلة.
عام 2001 قام عدد من العراقيون معظمهم اكراد برفع قضية على صدام حسين ، على حسان الماجد وآخرون. ثم تقويةالقضية بشكل كبير في فبراير 2003 عندماقامت المحكمة العليا في بلجيكا بالحكم في قضية ضد ارئيل شارون حول مجازر صبرا وشاتيلا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت. ان المحاكم البلجيكية مؤهلة لمحاكمة اي خرق خطير للقوانين الدولية. مثل ذلك الذي ارتكب في العراق على يد القيادة على مدى ثلاثة عقود. لقد تمت مقاضاة ارئيل شارون على الرغم من انه يملك حصانة رسمية حتى يترك منصبه. وايضا الجنرال عاموس يارون قائد القوات التي حاصرت المخيمات في بيروت ، هو أيضا يواجه المحاكمة اليوم. رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون والرئيس العراقي صدام حسين وجدا انفسهما على نفس الجانب والذي يحاول منع العدالة من اخذ مجراها.
مقاضاة اعلىالقادة العراقيون قد يزود بقاعدة جلية لمناقشة سجلهم الجنائي – كما قال مراقب الامم المتحدة- من شأنه ان يكون الاثقل وزنا منذ الحرب العالمية الثانية.
شبلي ملاط يحتل مقعد جين مونيه في الاتحاد الاوروبي في القانون الاوروبي في جامعة القديس يوسف في لبنلن. أسس قضية ورفعها ضد أرئيل شارون عام 1996 في بلجيكا في حزيران 2001. (com.mallat.www)، هذا المقال هو الجزء الثاني من مقال من جزئين.