قانون الصحافة الكردية يلقى ردود أفعال متباينة
على الرغم من ترحيب الصحفيين بفقرات من التشريع، إلا أنهم ما زالوا قلقين بشأن حرية الصحافة في الإقليم.
قانون الصحافة الكردية يلقى ردود أفعال متباينة
على الرغم من ترحيب الصحفيين بفقرات من التشريع، إلا أنهم ما زالوا قلقين بشأن حرية الصحافة في الإقليم.
ويحظر قانون الصحافة سجن الصحفيين وكذلك إغلاق أو إيقاف الصحف عن الصدور- وهي المطالب الرئيسة للمدافعين عن حقوق الصحافة والصحفيين المحليين الذين ناضلوا ضد مشاريع القانون السابقة التي ادعوا أنها مقيدة للغاية.
مع ذلك، فالقانون يضع أيضا بعض القيود على النشر، بضمنها حظر المقالات التي من شأنها "خلق حالة عدم الاستقرار، ونشر الخوف والترهيب وإلحاق الضرر بالناس" أو "انتهاك المعتقدات الدينية". وسيواجه الصحفيون، المحررون والمنشورات غرامات كبيرة لانتهاكهم التشريع، الذي يشترط وجوب أن يتبع الصحفيون مبادئ الأخلاق الصادرة من الاتحاد الدولي للصحفيين، وكذلك يفرض التشريع تعليمات صارمة على المنشورات لنشر التصحيحات.
بما أن وسائل الإعلام المستقلة شهدت نمواً في كردستان العراق على مدى السنين الخمس الماضية، فقد أصطدم المحررون والصحفييون مع المسؤولين- الذين اتهم بعض منهم الإعلاميين بالنقل الخبري المنحاز واللامبالي. الا أن بعض الصحفيين يجادلون، بأن السياسيين و قادة الأحزاب لا يحترمون وسائل الإعلام المستقلة.
يعتبر الكثير أن الصحافة في إقليم كردستان العراق هي في طورها الجنيني، لاسيما بسبب أن الحزبين الذين يحكمان الإقليم- الاتحاد الوطني الكردستاني، و الحزب الديمقراطي الكردستاني- يهيمنان على وسائل الإعلام.
لقد كان هناك عملية تفاوض و مساومات بين الصحفيين و الساسة بشأن قانون الصحافة منذ 2006.
ورفضت حكومة إقليم كردستان، والرئيس مسعود بارزاني التوقيع على قانون الصحافة الذي مرر من قبل المجلس الوطني الكردستاني في تشرين الثاني 2007 عقب احتجاج شديد من جانب الصحفيين، المثقفين و شخصيات المجتمع المدني الذين قالوا إنه قانون مقيِّد للغاية.
إن القانون النهائي، الذي صادق عليه البرلمان الكردي في أواخر سبتمبر وتم توقيعه من قبل بارزاني في 11 تشرين الأول، هو الأول من نوعه في عراق ما بعد الحرب ويحل محل قوانين عهد البعث التي أجازت بأن يحكم على الصحفيين بقضاء فترات في السجن.
فقد حذف القانون النهائي بعض من الأحكام المثيرة للجدل الصيغ الأولية للقانون، مثل معاقبة الصحفيين والمنشورات لإنتهاكات غير واضحة من ضمنها نشر مقالات تحسب على أنها تعرض "الأمن القومي" للخطر أو تتناقض مع "الآداب العامة". وتجيز النسخ السابقة أيضا حبس الصحفيين والمحررين ومنع الصحفيين المحظورين من تغطية عدد كبير من المواضيع.
واعتبر كريم بحري، وهو عضو اللجنة القانونية في البرلمان، القانون الجديد على أنه من إحدى القوانين "النادرة والمتطورة" في الشرق الأوسط. وقال إنه سيساهم ببناء الديمقراطية في الشمال وسيساعد أيضا على تشجيع الشفافية.
في غضون ذلك، قال آريز عبدالله، الذي يرأس لجنة الثقافة في البرلمان الكردي، إن السلطات استجابت لمطالب الصحفيين، الكتاب والمنظمات عند صياغة النسخة النهائية للقانون.
وقال إن "كل وجهات النظر، بما فيها مقترحات من قبل منظمات دولية، أخذت بنظر الاعتبار"، مضيفا أن الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني دعما القانون.
وعلى الرغم من أن الصحفيين دعموا جوانب من القانون، إلا أن العديد منهم أعربوا عن تحفظاتهم على التأثير الذي يمكن أن يكونه على مستقبل الصحافة الكردية.
قال زيرك كمال، وهو سكرتير نقابة صحفيي كردستان إنه على الرغم من أنه سعيد لرؤية أن بعض أكثر الأحكام إثارة للجدل أزيلت من النسخة النهائية، إلا أنه لا يزال يشعر بالقلق إزاء "الغرامات الكبيرة" التي من الممكن فرضها على الصحفيين.
إن الحد الأقصى للغرامات التي يمكن فرضها بحكم قضائي لم يتغير عن تلك التي جاءت في النسخة الأولية للقانون الذي رفضه بارزاني، في حين تم تخفيض الحد الأدنى للعقوبات من ثلاثة ملايين دينار للصحفيين و 10 ملايين دينار للصحف. ويمكن الآن تغريم الصحفيين ورؤساء التحرير ما بين مليون واحد و خمسة ملايين دينار وستواجه الصحف غرامات بمقدار خمسة إلى 20 مليون دينار لنشرها مقالات تخرق القانون. ويمكن للمحاكم مضاعفة الغرامات إذا ما تكررت الانتهاكات.
و ولكن يجادل المشرعون بأن هذه الغرامات ضرورية لردع النقل الخبري و الصحافة غير الدقيقة.
ويقول بحري أن الغرامات تمت تضمينها "لكي يبتعد الصحفيين عن القيام بالتشهير."
ويعرب آخرون عن قلقهم من عدم تضمن القانون الجديد لأي أحكام تشجع على حرية الحصول على المعلومات.
وأفاد رئيس التحرير الجديد لصحيفة هاولاتي الممولة تمويلا خاصا كمال رؤوف لمعهد صحافة الحرب والسلام (IWPR) أن "هذا القانون هو ثمرة جهود الصحف، لاسيما الصحف الأهلية." ولكنه، أضاف أنه كان ينبغي على البرلمان دعم الفقرة التي تضمن وصول الصحفيين بعض الشيء إلى المعلومات.
وجادل فلاح مراد خان، منسق اتحاد منظمات المجتمع المدني، بالقول إن القانون "ناقص من الوجهة القانونية" وأن حرية التعبير يمكن أن يتم تقويضها بما أن القانون لا يتضمن فقرة بشأن حق الوصول إلى المعلومات.
على الرغم من أن مراد خان سلًّم بأن القانون سيضع حدا لتخويف وإذلال الصحفيين وسيحمي المنشورات من الإغلاق، إلا أنه أضاف أنه لا يعتقد أن القانون سيؤدي في النهاية إلى زيادة حرية التعبير أو تعزيز الصحافة في الشمال.
وقال مراد خان إن النضال من أجل حرية التعبير في كردستان لم ينته بعد.
وأضاف "هذه الخطوة الأولى"، وقال "هناك طريق طويل أمامنا."
في غضون ذلك، سيطلق معهد صحافة الحرب والسلام قريبا برنامجا يهدف إلى توفير الحماية القانونية للصحفيين. وسيدرب المشروع ثمانية محامين عراقيين ليصبحوا خبراء في الإعلام، وسيقوم المحامون عندها بتدريب المحررين والصحفيين على التشريعات المتعلقة بالإعلام.
وريا حمه طاهر صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام (IWPR) في السليمانية