ترويض الاسلاميين في الشمال
لعل جماعتي انصار الاسلام والجماعة الاسلامية صارتا في مهب الريح لكن بعض اعضاء هاتين الجماعتين ما يزالون ملتزمين بقضية الاسلام.
ترويض الاسلاميين في الشمال
لعل جماعتي انصار الاسلام والجماعة الاسلامية صارتا في مهب الريح لكن بعض اعضاء هاتين الجماعتين ما يزالون ملتزمين بقضية الاسلام.
يقضي مسعود ايامه كرجل اعمال مغمور يتاجر بالسلع بين المدن الكردية في شمال العراق. لكنه ما يزال يستعيد ذكرياته عندما كان احد المسلحين في حرب العصابات مع الجماعة الاسلامية التي كانت ذات مرة يُخشى جانبها.
بعد مرور اشهر على قيام القوات الاميركية بتفريق ونزع سلاح ميليشيا الجماعة الاسلامية وانصار الاسلام الاكثر تطرفا، عاد العديد من المقاتلين السابقين امثال مسعود لممارسة حياتهم كمدنيين. ان لمدى تاقلمهم مع هذا التحول تاثير كبير على استقرار شمال العراق.
وما يزال العديد منهم متمسكين بحلم انشاء دولة اسلامية.
قال مسعود "نريد الحصول على حقنا في النشاط السياسي مثل اية جماعة اسلامية اخرى في كردستان. لقد اجبرتنا قوة خارجية على على القاء اسلحتنا لا قوة داخلية كأن تكون ضعف في ايماننا لا قدر الله".
لقد فرضت جماعتا انصار الاسلام والجماعة الاسلامية سيطرتهما على المنطقة الجبلية في شرق كردستان بمحاذاة الحدود الايرانية لسنوات. وكلتاهما كانتا قد نشأتا من الحركة الاسلامية في كردستان وهي مجموعة اسلامية كردية.
لقد وُجد انصار الاسلام في موقف اشبه بالنهاية المسدودة وغالبا ما تخلل هذا الموقف صراع عنيف مع الاتحاد الوطني الكردستاني وهو الحزب الحاكم في المنطقة. لقد حافظ الانصار، وهم خليط من الاسلاميين الاكراد والمقاتلين العرب، على روابط ضعيفة وتعاطف مع تنظيم القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن. وهم معروفون بالتطرف والوحشية في حين ان الجماعة الاسلامية استمرت بنهجها الاكثر اعتدالا.
قامت الجماعة الاسلامية على الولاء لقائدها، او اميرها، علي بابير. ونظرا لكونها حزبا رسميا مشاركا في مجلس الوزراء في السليمانية بقيادة الاتحاد الوطني الكردستاني فان مقاتليها كانوا يتلقون الدعم المادي من هذا الحزب.
نظرا لصعوبة الوصول الى المنطقة وقدرة اعضاء الجماعتين على التسلل عبر الحدود الايرانية فقد احتفظت كلتاهما بموطيء قدم ثابت حول الحدود الايرانية في ناحية خورمال.
لكن نهايتهم جاءت بسرعة حالما بدأ الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة حملته في العراق.
في الحادي والعشرين من آذار انهالت صواريخ الكروز الاميركية على معسكرات الانصار والكومال ما ادى الى وقوع عشرات القتلى. استمرت الهجمات على المواقع التي يسيطر عليها الانصار طوال فترة الحرب وقد فر معظم المقاتلين الناجين شرقا الى ايران.
في العاشر من تموز القت قوات الائتلاف القبض على علي بابير على الطريق الذي يربط بين المدينتين الكرديتين الرئيسيتين اربيل والسليمانية.
ومنذ ذلك الحين تفرق اعضاء المجموعتين تماما.
يشك العديد من الناس في ان بقايا انصار الاسلام ما يزالون باقين عبر الحدود في ايران يتحينون الفرصة للعودة او المشاركة في هجمات العصابات ضد قوات الائتلاف.
وحسب ما ذكر شهود عيان فان بعض الاعضاء في مجموعة انصار الاسلام متواجدون في بغداد. وقد اخبر رجل اعمال من السليمانية يسافر غالبا الى العاصمة، اخبر معهد صخافة الحرب والسلام مشترطا عدم ذكر اسمه انه رأى احد جيرانه الذي كان عضوا في جماعة انصار الاسلام هناك.
لكن على الجماعة الاسلامية ان تختار طريقا اهدأ كجزء من الواقع الجديد الذي فُرض عليها بعد اعتقال قيادتها وتوقف الدعم المادي المقدم من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني.
قال سيروشت محمد علي، وهو احد المقاتلين السابقين في الجماعة الاسلامية والذي يعمل الان في ديكور المنازل، "عندما فقد الحزب مصدر دخله المالي لم نرد ان نكون عبئا على الحزب. لقد توقفنا عن حمل السلاح ونحن نناضل الان بطريقة مختلفة من اجل نجاح الاسلام".
اما رئيس التحرير السابق لجريدة الحركة الاسلامية كامل محمد فقد استقال من الحزب قبل اسابيع قليلة واعتزل الحياة السياسية.
وقال، "لقد فعلنا ما كان يتوجب علينا فعله. وليس باستطاعتي الاستمرار بالحياة الحزبية. لذا ساكرس وقتي لحياتي الشخصية والفكرية".
اما بالنسبة للاعضاء السابقين في الميليشيات فان ثمن العودة الى المجتمع الكردي هو نزع السلاح والتخلي عن السلوك القتالي.
قال سامان محمد الذي يصف نفسه كمؤيد لهذه الجماعات الاسلامية، "لقد انتهت الجماعة الاسلامية في اللحظة التي قررت فيها القاء اسلحتها والاستسلام للاميركيين".
يتركز الجدل الان حول فيما اذا سيبقى مقاتلو العصابات السابقين ملتزمين فعلا بان يحيوا حياة مسالمة ام لا.
قال ربين رسول، احد شباب مدينة اربيل، ان الحل يكمن في ضمان حياة منتجة و ذات معنى للمقاتلين السابقين. واضاف قائلا، "اذا لم يتغير اسلوب حياة هؤلاء الناس فان احتمال حملهم السلاح من جديد سيبقى قائما. وطالما انهم يشعرون بانهم لا يحيون حياة رغيدة فسيكونون مستعدين للموت".
اما مسعود، المقاتل الذي صار رجل اعمال، فان نزع السلاح لم يكن سوى بداية مرحلة مختلفة في نضال الجماعة الاسلامية.
وقد قال، "ليس ضروريا تحقيق العدالة بالسلاح فقط. فالنبي محمد اعتبر الحوار وسيلة لتحقيق العدالة".
توانا عثمان صحفية كردية تعمل بجريدة هاولاتي الكردية المستقلة.