تخطي كل الصعوبات بغير عناد
الحرب وشيكة جداً، ولكن حتى هذه اللحظة القلق المرئي في كردستان العراقية هو "الغيوم"
تخطي كل الصعوبات بغير عناد
الحرب وشيكة جداً، ولكن حتى هذه اللحظة القلق المرئي في كردستان العراقية هو "الغيوم"
بينما كنت أستطيع سماع أصوات طائرات الحلفاء تحلق فوق مناطقنا، لقد حلقوا بشكل مستمر خلال الـ24 ساعة الماضية ولكن الأكراد غير خائفون.
إنها هذه الطائرات وأصواتها هي التي أعطتنا الأمل خلال الـ12 عاماً الماضية، إنها المرة الأولى في تاريخنا القوات الجوية تحمينا ولا تهاجمنا.
الحياة اليومية هنا هادئة في كردستان العراقية على الرغم من ذلك كان هناك إنفجار صغير لم يوقع إصابات في اربيل اليوم، نتج عن الانفجار غيمة صغيرة في السماء.
بعد الهجوم الكيماوي لصدام، الأكراد العراقيون يقلقهم بشكل خاص الغيوم الذي يقرص مرة واحدة، يتذكر للأبد.
وزير الداخلية وصف الانفجار بأنه "عمل خيانة" وخائنين، هدفه هز الاستقرار في المنطقة. مر أسبوع على بدء الحرب، الغذاء، الماء النظيف، الكهرباء متوفرة ومقدور عليها، على الرغم من ذلك لم تصل الكهرباء إلى منطقة دوهوك والتي تصلها الكهرباء من مدينة الموصل والتي تقع تحت سيطرة صدام. يبلغ عدد سكان دوهوك 250.000 نسمة تعتمد الآن على مولدات كهرباء والتي تغطي ربع احتياجات المنطقة فقط- على رأسها المستشفيات ومشاريع المياه.
في المناطق المحيطة من أربيل والمدن القريبة من خطوط الجبهة، القوات الكردية متجمعة في مجموعات ومخيمات.
أما الإذاعة المحلية الرئيسية (دانفي كردستاني عراق) أو صوت كردستاني العراق، فتقوم ببث رسائل من قوات الحلفاء تدعو فيها الجنود العراقيين للاستسلام وإلى عدم المدافعة عن النظام، تخبرهم عن سبب هذه الحرب وعن عدد الالتزامات الدولية التي خرقها النظام العراقي.
الأحزاب الكردية، على رأسها الحزب الكردستاني الديمقراطي والاتحاد الكردستاني الوطني أمدوا 70.000 مقاتل، معظمهم يعتقد بأنه من المفضل أن يقوم العراقيون بتحرير العراق أو على الأقل عراقيون يعملون مع قوات أجنبية.
القوات العراقية تعلم بأن الأكراد لا يريدون الانتقام، عام 1991 عشرات الآلاف من الجنود العرب الذين استسلموا في المناطق الكردية عوملوا بشكل غير إنساني، أما في هذه الأيام فإن الإعلام الكردي يحاول توعية الشعب عن معاهدات جنيف وحقوق القوات المستسلمة، حتى هذه اللحظة استسلم الآلاف العراقيون ونحن متأكدون بأن الكثيرون سيلحقون بهم.
أتذكر بالدقة عندما بدأت الحرب العراقية – الإيرانية في 27 سبتمر 1980، وعندما اجتاح العراق الكويت في ا أغسطس 1990 في كلا الحالتين أنا والكثيرون اعتقدنا بأن الصراع سيكون قصيراً بضعة أيام، ربما بضعة أسابيع، الأيام الأولى من الحرب استقبلت بخوف وحذر، ولكن بعدها الأشياء تغيرت مع أن الظروف الأولية للحرب كانت وما زالت موجودة وربما كانت أخطر، ولكن الناس شعروا بقلق أقل، اضطروا للتأقلم مع الوضع، لم يكن هناك خيار آخر.
في يناير 1991 عندما كنت في بغداد، الظروف كانت صعبة جداً والقصف كان مكثف أكثر من كردستان العراقية حتى الآن، ولكن تأقلم الناس خلال أسابيع ولذلك فإن الناس بدأوا يعودون إلى منازلهم إلى كردستان العراقية ليس بسبب زوال الخطر ولكن لأنهم أصبحوا أقل حساسية اتجاه الموقف.
العراقيين بشكل عام والأكراد بشكل خاص تم تطعيمهم عدة مرات بلقاح ضد الحرب، هذا اللقاح – وهو الخبرة – تجردك من الخوف من الحرب وتجعلك لا مبالي لعواقبها، خسارة إنها لا تعمل على الأطفال. الأسبوع الماضي لاحظت كيف كان يرجف إبن أخي بينما كان يتحدث عن الحرب، يبلغ من العمر 13 عاماً ولقد تم تطعيمه عندما كان يبلغ عاماً واحداً، في السنوات التي تلتها أخذ جرعات صغيرة، ولكن بدون أي تأثير.
قلت له، نحن الرجال، يجب أن لا يخيفنا أي شيء. قال:"أنا لست خائفاً، ولكن أصدقائي في المدرسة يتحدثون عن أشياء فظيعة عن الأسلحة الكيماوية". فهمت لحظتها أننا لا نبث على نفس الموجة- وأنه ربما كان محقاً بأن يكون خائفاً، أنا نفسي بدأت أخاف! مرحباً بكم في جمهورية الخوف!...
وأنا أكتب، أشعر ولأول مرة باهتزاز النوافذ والأرض، القصف الذي يبعد أقل من 30 ميل يبدو عنيفاً، صواريخ عراقية؟ من المحتمل.
ذهبت لتفقد ما يجري ووجدت غيوم، استعملت أكثر تقنية متطورة يملكها الأكراد، الأنف. لا توجد رائحة لهذه الغيوم، ولكن الأسلحة الكيماوية لها رائحة، مثل التفاح المتعفن، هذه بقايا غيوم مطر الأمس جيد، تخيل بأنك تعيش بهذا الشكل، تخيل أطفالك وأحبابك يعيشون هذه الظروف، شعب العراق عانى لمدة 30 عاماً تحت حكم صدام – ثلاثة أجيال الكل عانى من صدمات نفسية كنتيجة لذلك، هناك بعض الأشخاص يدافعون عن النظام في الجنوب حقيقة ولكن أعداد المعارضة ضد النظام تفوقهم 20 مرة بالأرقام.