العراقيون يستعدون لخوض الانتخابات
تتنافس التحالفات التي تسعى لشغل مناصب في الجمعية الوطنية في التودد الى الناخبين الذين انهكتهم البطالة واعمال العنف.
العراقيون يستعدون لخوض الانتخابات
تتنافس التحالفات التي تسعى لشغل مناصب في الجمعية الوطنية في التودد الى الناخبين الذين انهكتهم البطالة واعمال العنف.
حيث سيتوجه العراقيين الى صناديق الاقتراع في الخامس عشر من كانون الاول/ديسمبر للتصويت في ثاني انتخابات تجري في العراق منذ الاطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين في نيسان/ابريل من عام 2003. قوائم المرشحين كانت اكثر تنوعا واكثر تعقيدا منها خلال اتتخابات كانون الثاني/يناير الماضي لكن المشاكل التي يعاني منها الناس في بغداد لاتزال نفسها التي عانو منها خلال الانتخابات الاولى. البطالة والعنف وسوء الخدمات العامة مثل الكهرباء كانت تعيق الحياة اليومية للسكان.
قالت جنان مبارك مديرة المركز العراقي لتأهيل وتوظيف المراة "هذه هي اهم الامور التي تهم الناخبين وهي تكاد تكون العامل المشترك لبرامج الاحزاب التي تشترك في الانتخابات".
وعلى خلاف ما حصل في انتخابات كانون الثاني/يناير حيث اختار العراقيون الجمعية الوطنية المؤقتة والتي كانت مهمتها الاساسية صياغة دستور ما بعد البعث, فان الناخبين هذه المرة سينتخبون مجددا اللوائح السياسية والتي ستشغل المقاعد البرلمانية لمدة اربع سنوات. حيث سيتنافس عشرون ائتلافا على مقاعد الجمعية الوطنية البالغ عددها 275 مقعدا.
حيث حاولوا اغراء الناخبين بالشعاراتِ المتنوّعةِ التي تَعِدُ بكُلّ شيءَ ابتداءا مِنْ القيادةِ العظيمةِ وتحسين الأمنِ إلى إسْتِئْصال الفسادِ. سواء كان هذا من خلال المطبوعات التي لصقت على جوانب شوارع العاصمة بغداد او مابثته وسائل الاعلام التي يملكها المرشحين الاقوى نفوذا.
وبينما قامت بَعْض محطاتِ التلفزيون مثل قناةِ العراقية الحكومية بتشجيع المواطنين للتصويت في الإنتخابات، ابرزت أجهزةَ إعلام أخرى وبدون خجل رقم القائمة الانتخابية للتَحَالُفِ الذي يَدْعمونَ – او في أغلب الأحيان الشخص الذي يدَفع فواتيرَ- قنواتهم التلفزيونية أَو صحفهم.
تعتبر الارقام الثلاثة هي المفتاح في الانتخابات ، وقد حرص المرشحون على ان يختار الناخبين الرقم الصحيح من خلال الادلاء باصواتهم في صناديق الاقتراع , حيث قاموا بالترويج لارقام كتلهم السياسية بثقل كبير, حيث كانت هذه الارقام تظهر بصورة واضحة على الملصقات وبجانبها اسم المرشح او الاتلاف الفعلي بخط اقل حجما.
تَبنّى العديد مِنْ المرشّحين وسائلَ قذرةَ تضمنت الشتيمة وتَمزيق الملصقاتِ المنافسةِ، خصوصاً تلك التي رفعت لبعض الليبراليين والسنة العرب. حيث كتب على بعض هذه الملصقات عبارات "بعثي" و "صدّامي" في اشارة الى النظام السابق.
على الجانب الثاني من المدينة وتحديدا في منطقة الاعظمية ذات الغالبية السنية, فقد ازيلت جميع اللافتات ماعدا تلك التي تخص القائمة 618 والتي تخص جبهة التوافق العراقية, التي رفعت شعار "الايادي النظيفة" التي ستخلص العراق من القوّاتِ المحتلة بقيادة الولايات المتحدةِ وتُغيّيرُ دستورَ العراق الذي تمت المصادقة عليه مؤخراً من اجل تضمينه المطالب السنيّةِ. وتدعو الجبهة ايضا الى نبذ الطائفيةِ والنزاع العرقي.
في نفس الاتجاه فان هذه السياسة تشابه الى حد كبير ما جاء به رئيس الوزراء السابق والسياسي العلماني الشيعي اياد علاوي الذي تعلو صورته ملصقاتَدالقائمة الوطنيةِ العراقيةِ، والتي تَعِدُ بتَوحيد العراقيين وانهاء العنفَ.
اعترفت الاحزاب السنية ولاول مرة في تأريخها بالنظام السياسي الجديد في العراق من خلال المشاركة في المنافسة الانتخابية. حيث حصلوا على عدد قليل من المقاعد البرلمانية اقل من توقعاتهم حيث كانو متفائلين بالفوز باصوات كثيرة في المناطق العربيةِ السنيّةِ. ويَعتقدُ أكثر المراقبين بأنّ العرب السنّةِ سَيَفُوزونَ بالمقاعدِ الكافيةِ لتَنويع البرلمانِ الجديدِ، الذي يُسيطرُ عليه الآن الائتلاف العراقيِ الموحد بقيادةِ ِ الشيعة.
قال محمد شهاب نائب الامين العام للائتلاف العراقي الموحد "ان الحكومة القادمة ستكون متوازنة لانها ستظم جميع الاطياف السياسية" واظاف بان "هذه الحكومة ستكون ايضا حكومة قوية وقادرة على تطبيق القانون وحفظ الامن والنظام".
الحكومة بدورها تبنت اجراءات امنية صارمة قبيل الانتخابات لمنع الهجمات, حيث تم نصب العديد من نقاط التفتيش في جميع انحاء بغداد فيما تم غلق جميع المنافذ الحدودية في العراق. منعت الحكومة وابتداءا من الاسبوع الماضي, العرب غير العراقيين من دُخُول البلادِ، حتى إذا كانو حاصلين على تأشيراتَ دخول نافذة أَو إقامةِ سارية المفعول.
في عاصمةِ العراق المتعددة الأديان والاعراق ،توحد الناخبون في توقهم الى حياة افضل، لكن ميولَهم السياسيةَ ظلت هي المعيار في جميع أنحاء البلاد. لكن لم يكن واضحا ان كانت الحملات الإعلاميةِ قد اثرت على الناخبين أَو إذا عززت دعمَهم لقوائمهم.
وفي استطلاع للراي اجرته صحيفة الصباح على 2400 من الناخبين وجدت ان ما نسبته 54% منهم سيصوت لصالح التحالفات المشاركة اعتمادا على برامجها السياسية بينما اظهر الاستطلاع ان 23% منهم سيصوتون على اساس طائفي وعرقي على اساس هويات الاعضاء المشاركين في اللوائح الانتخابية. اصحاب النفوذ كان لهم أيضاً ما نسبته 20 بالمائة حيث قالَوا بأنّهم يَدْعمونَ تحالفاتَ مستندة على معرفتِهم الشخصيةِ لأسماءِ المرشّحين.
قال سائق سيارة الاجرة راضي شنشل من مدينة البياع في بغداد يبلغ من العمر 32 عاما "ساصوت لقائمة اياد علاوي لانه رجل قوييستطيع قيادة البلد وتخليصنا من الوضع الحالي.
كذلك حْملُت عِدّة تحالفات نغمات دينية مثل الائتلاف العراقيِ الموحّدِ والتَحَالُفِ الإسلاميِ.
قال خالد حسن عامل في احد المطاعم في منطقة باب المعظم في بغداد يبلغ من العمر 30 عاما "سأصوت للقائمة 555 (الائتلاف العراقي الموحد) لانهم يمثلون الشيعة.
ومن المتوقع ان يخسر الائتلاف العراقي الموحد بعضا من قوته البرلمانية بسبب مشاركة الكتل العربية السنية ومنافستها للحصول على المقاعد البرلمانية. كما من المتوقع ان يخسر بعض المقاعد لبعض الشخصيات التي انفصلت عنه بسسب كونه اصبح دينيا اكثر.
تبنت قوائم اخرى شعارات تعلقت بعملية اعادة اعمار العراق مثل المؤتمر الوطني العراقي والذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء احمد الجلبي العلماني الشيعي والنائب السابق عن الائتلاف العراقي الموحد والذي اعتمد برنامجه الانتخابي على تاكيد النمو الاقتصادي والخدمات العامة. البعض الاخر ركز على هويّاتِ الناخبين العرقيةِ واعدا بالدِفَاع عن حقوقِ الأقلّياتِ، مثل الاحزاب التوركمانيةِ.
قال الموظف الحكومي احمد نشأت البالغ من العمر 30 والذي يسكن مدينة كركوك في شمال العراق كونه سنيا تركمانيا فانه سيصوت لصالح التحالف التركماني لكنه فضل ايضا جبهة التوافق العراقية.
وقال "انا لااصوت للقوائم على اساس برامجها السياسية ولكن على اساس من يمثلها." واضاف "اعتقد بان العراقيين سيعملون الشيء نفسه. لان الالتزام بهذه البرامج سيكون صعبا جدا في ظل التدهور الامني."
البعض الاخر لايزال محبطا من السياسة الى درجة كبيرة على الرغم من ان هذه الانتخابات هي الثانية لما بعد النظام البعثي.
قال عيسى سليم مهندس البالغ من العمر 40 عاما والذي يسكن مدينة بغداد "انا لااعتقد بان برامج هذه التحالفات حقيقية، انها مجرد كلمات لجر الناخبين للتصويت اليهم في صناديق الاقتراع."
زينب ناجي: صحفية متدربة من معهد صحافة الحرب والسلام من بغداد.