أخي البطل المغوار الذي لن تنجب مثله النساء
الكاتب: رزان
أخي البطل المغوار الذي لن تنجب مثله النساء
الكاتب: رزان
ما هو شعورك لحظة فقدان أخيكِ؟
ما كانت ردة فعلكِ حين وصلكِ الخبر؟
ماذا تفعلين حين رأيتِ أطفاله أمام عينيك يقولون نريد بابا؟
أين ذهب بابا؟
لماذا تركنا؟
ذهب ذاك البطل رحل عنّي وتركني ضائعة.
كان سندي الوحيد، وبيت أحزاني ومخبأ أسراري. رحل وترك لنا أربعة أطفال يسألون أين بابا؟
في أكثر الأوقات لا يكون لدي الجواب على أسئلتهم، أبقى صامتة لكن أسئلتهم تحرق قلبي.
أحب الفكاهة والمرح هتف “مظلوم وبدي حرية” أمام الساعة في إدلب.
أحبه الجميع وتمنوا عدم فراقه لكن القدر غيّر كل شيء.
أسس أخي كتيبة مقاتلة، كان يسهر على شفاء الجرحى من عناصره كالأم الحنون، فقد كان يصفهم بأنهم أطفاله.
ذات مرة في شهر رمضان، كانت أمي تطبخ لهم وعند انتهائها وحلول الإفطار، قالت له : “ابقَ يا معن لتأكل معنا، انقل الطعام للشباب وارجع فنحن في انتظارك على الإفطار”.
أجابها حينها: “لا يا أمي أريد أن أكل مع أولادي عناصر كتيبتي”.
لن انسى عندما كان يقول لي: “دراسة أطفالي مسؤوليتكِ أنتِ، أريدها منك يا أختي”. وبإذن الله لن أخذله.
كان فارساً شجاعاً. بطل مغوار حارب أعداء الله بكل بسالة، لن انسى كلماته عندما عدّد لأمّي أسماء أولاده وقال لها “هؤلاء هم أطفالك، وأفراد كتيبتي هم أطفالي.”
قبل فتره من استشهاده دخل على غرفة أمي، وجدها تبكي لوضعنا كنازحين من بلدتنا شبابنا تتعرض للقتل. أمي ترى أولادها يخرجون بالسلاح لردع الأعداء، ويرجعون بنصر وشهداء. فقال أخي: “أعلنيها لوجه الله يا أماه.”
كان ذاك القائد المتواضع والمرح بين أفراد كتيبته .
أفراد كتيبته يقولون عنه: “لن يأتي قائد بعده وليس له مثيل” .
كان أخي بطلا في معركته لايخشى الموت. كان لا ينام إلّا مع أفراد كتيبته. كان يخصص كل يوم لمقرّ، لكي لايزعلوا منه مع العلم أن زوجة أخي وأطفاله يسكنون في نفس المنطقه.
كانت أمنيته الوحيده أن يُقتل داخل مدينه إدلب حصراً. كان يرابط على حاجز القرميد، يوم 4 آذار/مارس 2013، أتى أحد أفراد كتيبته عند السابعة صباحاً، ويدعى مهند، كانت عيناه تدميان بدل الدمع.
قالت له أمي: “قل لي أنا امرأة صابرة هل هناك شيء”؟
فأجابها بكل صراحة وقوة وقلب حزين: “نعم هناك شي”.
سألته: “مين مات؟” أحست بقلبها أنها فقدت أحد ابنائها .
قال مهند: “استشهد ابنك القائد”.
ردت عليه وهي مستندة على غصن شجرة كان ابنها الذي استشهد هو من زرعها بيديه: ” حسبي الله ونعم الوكيل إنّا لله وإنّا إليه راجعون.”
لن أنسى ذاك اليوم عندما دخلت أمي غرفتي، قالت: “استيقظي يا رزان من نومكِ. أخاكِ استشهد”.
صرخت ذاك الصوت باسمه والدموع تنهمر على وجنتي. أمسكت يديّ أمي وبدأت بالصراخ:” كيف؟ ومتى؟ وأين؟”
فأجابتني ودموعها قد غسلت وجهها،: “الآن سيدفنوه في ضيعة كفرجالس.
كانت من وصاياه ألا يدفن في مزرعتنا لكي لاترى أمي وأبي القبر دائماً، فيذكرون يوم استشهاده وتلك الصدمة.
ترك لنا معن أربع زهور، كلما نظرنا بعيونهم رأينا أبيهم.
زوجه أخي وأطفاله وبعد تحرير إدلب يسكنون عندنا.
بسبب القصف المستمر على المدينة، سأنفذ وصية أخي وسأدرّس أطفاله ليصلوا لمراتب عليا بإذن الله .
لا نعرف ماذا سيأتي في الأيام القادمه ولكننا نأمل الخير .
رحمك الله يا أخي ورحم الله روحك الطاهره النقية.