خريجون جامعيون محرومون من ازدهار القطاع النفطي في البصرة

يعاني الكثير منهم من اجل ايجاد اعمال لائقة بالرغم من ارتفاع وتيرة الاستثمار والتنمية

خريجون جامعيون محرومون من ازدهار القطاع النفطي في البصرة

يعاني الكثير منهم من اجل ايجاد اعمال لائقة بالرغم من ارتفاع وتيرة الاستثمار والتنمية

Uncertain future for University of Basra students. The arrival of big oil corporations in the resource-rich province has done little to provide skilled jobs for graduates. (Photo: Ali Abu Iraq)
Uncertain future for University of Basra students. The arrival of big oil corporations in the resource-rich province has done little to provide skilled jobs for graduates. (Photo: Ali Abu Iraq)
Monday, 8 November, 2010

علي ابو عراق (تقرير الازمة العراقية رقم. 359، 8 تشرين الثاني- نوفمبر 2010)

تعالت صيحة في السوق المحلي في عصر أحد الايام مؤخراً في مدينة البصرة الجنوبية، لتعلن قدوم الشرطة. وخلال لحظات، جمع الباعة في الشارع بضاعتهم وتفرقوا. إلا ان احدهم ، وهو جاسم طالب، لم يكن محظوظاً جداً.

وبينما كان يستمع الى كلمات قاسية من ضباط الشرطة المحلية، كان طالب هو الآخر لديه عبارات قوية.

"ما الذي تريدني ان افعل؟ لا توجد هناك أعمال، بل لا توجد حتى حكومة لتوفر لنا الاعمال. كيف لي ان اعيش اذا لم اقوم بالبيع في الشوارع؟" قال طالب.

قد يكون هذا المشهد عادياً في أي مدينة عراقية في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة في البلاد. لكن هذا مركز وجود حقول النفط في البصرة، حيث يقال بان العائدات المالية الجديدة تتدفق بوفرة، ويمكن رؤية التطور المتسارع في كل مكان، وان الشركات العالمية الكبرى تصل بكل امكانياتها. كما ان طالب لا يمثل قضية عادية ايضاً، وقصته شائعة وسط شريحة متنامية من العاطلين عن العمل في المدينة.

"عمري 28 سنة. تخرجت من كلية الهندسة في جامعة البصرة عام 2005. لقد حاولت جاهداً الحصول على عمل، لكنني فشلت. لم اكن املك 5 آلاف دولار اميركي كرشوة، ولا اي واسطة في الحكومة، ورفضت الانضمام الى اي حزب سياسي. هذا هو السبب في كوني بائعا في الشارع، والشرطة تطاردني دوما لأنني ابيع بضاعتي في أماكن ممنوعة". أبلغ طالب معهد صحافة الحرب والسلام.

ويردد الذين تخرجوا مؤخراً من معهدين عاليين للتعليم في محافظة البصرة نفس الشكوى: من المستحيل العثور على اعمال تتطلب المهارة، والكثير من الوظائف تتطلب وجود علاقات ودفع رشاوي، او وجود علاقة مع حزب سياسي ما، وفق ما يقول الخريجون. ومما زاد الطين بلة، وصول شركات نفطية جلبت معها لحد الآن عدداً كبيراً من طواقمها الفنية.

وتخرجت سعاد عبد النبي- 26 عاما- عام 2007 بعد نيلها الشهادة في علوم الحاسوب، من كلية شط العرب، من احدى الجامعات الاهلية في المحافظة. وتقول بان شهادتها أثبتت عدم قيمتها بسبب تراكم الديون على عائلتها.

" لقد جعلت عائلتي تتحمل نفقاتي الجامعية. هذه هي السنة الثالثة بعد تخرجي، ولم اقدر حتى الآن على الحصول على عمل. انني اشعر بالذنب لانني حملت عائلتي ذلك دون ان ارد لهم اي شيء بالمقابل. لاتوجد شواغر في الوظائف ما عدا للاشخاص الذين يحظون بالنفوذ والسلطة" تقول عبد النبي.

وبحسب الدكتور عقيل عبد الحسين، مدير قسم المعلومات في جامعة البصرة، فان معدل الطلبة الذين يقبلون في الجامعة كل عام هو 4000،  وقد تخرج 4500 طالب عام 2010. لكنه قال بانه ليس من مسؤولية الجامعة توفير وظائف للخريجين.

"نحن مسؤولون عن اعدادهم من خلال تقديم التعليم لهم، بالاضافة الى برامج التدريب وورش العمل". اضاف عبد الحسين، بالرغم من ان لا أحد من الخريجين الذين تمت مقابلتهم من قبل معهد صحافة الحرب والسلام، قال بانه دخل أحد ورش العمل هذه.

وذكر هاشم لعيبي، مدير الاعلام في مجلس محافظة البصرة، بان نسبة البطالة في عموم المحافظة قد بلغت 25 بالمئة عام 2010، لكنه وافق على انه من الممكن ان تكون أكبر بالنسبة الى شريحة الخريجين.

ويقدر الدكتور نبيل الجعفر، الاستاذ في كلية الادارة والاقتصاد في جامعة البصرة، بان النسبة الكلية للعاطلين عن العمل هي اقرب الى 30 بالمئة ، واضاف بان هذا الرقم قد يصل الى 50 بالمئة بين القطاعات الفقيرة من المجتمع، وبضمنهم الخريجين.

"لقد كنا حريصين على دعم الخريجين عن طريق تأمين التعيينات  لهم في الشركات الاجنبية التي تريد الاستثمار في العراق. ونرغب في بدء عملية تؤهل منح اجازة الاستثمار في البصرة لهذه الشركات شرط تعيينها عددا من الخريجين الجدد" قال لعيبي. واضاف بان المجلس صادق على مشاريع ذات ميزانيات صغيرة تم تمويلها من قبل المملكة المتحدة لتوفير قروض لاعمال تجارية صغيرة للخريجين.

ويعتقد الخبراء بان البصرة تملك ما بين 40-60 بالمئة من احتياطي نفط العراق، وهي ثروة غير مستخرجة والتي يمكن ان تؤدي الى اعادة انعاش الاقتصاد العاجز. ومنذ منحها العقود الى الشركات الاجنبية في آب الماضي، وصلت شركات نفطية عملاقة مثل أكسون موبايل وبريتش بترولويم وشركة البترول الوطنية الصينية، جنباً الى جنب مع مئات من شركات أصغر الى البصرة.  وقد وصفت صحيفة الغارديان مطلع هذا الاسبوع مدينة البصرة بـ " المتخمة بالاموال الجديدة".

ويقول الدكتور محمد صالح، ممثل وزارة التعليم في وزارة النفط، بان الحكومة المركزية تنوي تحويل الاستثمارات الواردة الى وظائف وأعمال.

"تشجع وزارة النفط، الشركات النفطية على دعم المهندسين المتدربين والخريجين مالياً بهدف خفض معدل البطالة، وفي الوقت نفسه امداد الصناعة النفطية بالكوادر المحترفة". قال صالح.

وواصل قائلاً، بان وزارة النفط قد وضعت خططاً لكلية النفط في البصرة تهدف الى تطوير مهارات العمال بهدف العمل مع شركات النفط العملاقة القادمة الى المحافظة. واضاف بان الكلية هذه قد تصبح حقيقة بحلول عام 2012.

وحتى ذلك الوقت، يقول الخريجون الذين يدخلون الى القوة العاملة في البصرة، بان فرصتهم ضئيلة في الحصول على عمل ما.

"ان الشعور السائد بين الشباب هو اليأس" يقول أمين علي، الطالب في المرحلة الاولى في جامعة البصرة.

"هذا امر يبعث على الاحباط. ويجعلني أشعر بانني سأكون مجرد خريج آخر بدون عمل او مستقبل مثل الكثير من أصدقائي. لا يمكنك الحصول على عمل ما لم تتوسل او تدفع. يبدو ان المجتمع قد تحول الى لعبة حيث لا علاقة لمعايير التأهيل بالتعليم او الخبرة".

علي ابوعراق ، صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام.

Iraq
Education
Frontline Updates
Support local journalists