الإستياء من السياسة أفسد الإقتراع
القى الإقبال الضعيف على صناديق الإقتراع و الناتج من عدم الثقة العميق بالسياسيين، بظلاله على الإنتخابات المحلية.
الإستياء من السياسة أفسد الإقتراع
القى الإقبال الضعيف على صناديق الإقتراع و الناتج من عدم الثقة العميق بالسياسيين، بظلاله على الإنتخابات المحلية.
صوّت أناس أقل في انتخابات الأسبوع الماضي لمجالس المحافظات من أي انتخابات أخرى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. كان الإقبال أعلى عندما كان العراقيون يواجهون يوميا سيارات مفخخة وأعمال قتل طائفية.
كان الإقبال على صناديق الإقتراع ضعيفا في الأسبوع الماضي على الرغم من تحسن الوضع الأمن والجهود المشتركة المبذولة من قبل مفوضية الإنتخابات، المرشحين ووسائل الإعلام لتشجيع الناخبين.
قال العديد من العراقيين الذي أُستطلعت آراءهم بصورة غير رسمية من قبل المعهد في بغداد، إنهم كانوا مترددين بشأن اللإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات المقبلة مشيرين الى إنعدام ثقة عميق في السياسة العراقية.
قبل الإنتخابات، توقعت قوائم ومسؤولون أن الاقبال سيتراوح بين 70 و 80 بالمئة. في يوم الإنتخابات، 51% من الناخبين المسجلين فقط أدلوا بأصواتهم في 14 محافظة جرت فيها الإنتخابات.
أفادت تقارير أن نسبة المشاركة كانت الأدنى في بغداد والأنبار، وهي محافظة يهيمن عليها العرب السنة حيث شارك ما يقدر بـ 40% من الناخبين في الإنتخابات. كانت نسبة الإقبال هناك مثارا للدهشة نظرا أن الإنتخابات أجريت بشكل رئيسي لزيادة تمثيل العرب السنة في مجالس المحافظات المحلية. قاطع العرب السنة الى حد كبير انتخابات كانون الثاني 2005 لمجالس المحافظات.
يقول عراقيون لم يصوتوا إنهم يشعرون بالإحباط جراء الفساد والأداء الضعيف للمجالس الحالية التي كانت في السلطة لأربع سنوات. يقول كثيرون أنهم يئسوا من السياسة منذ زمن طويل وأنهم لا يعلمون شيئا عن الأحزاب أو المرشحين الساعين إلى الحصول على مقاعد في المجالس المحلية.
تقول سناء غازي، معلمة روضة في بغداد، إن مجالس المحافظات لا تمتلك سلطة كبيرة، وشكت من أن مجلس بغداد لم يفلح في ما اعتبرته واجبه الأساسي: تقديم الخدمات.
وقالت إن السياسيين "يتمتعون بالمال والسلطة، وفي النهاية سنكون نحن الضحايا". وأضافت "لا ينبغي علينا أن نتحمل عناء الذهاب للتصويت".
كان عدم إكتراث الناخبين واضحا جداً قبل الإنتخابات، عندما تجاهل العراقيون حملات التسجيل واسعة النطاق للناخبين.
نتيجة لذلك، توجه بعض الناس إلى محطات الإقتراع الخطأ أو أنهم اكتشفوا أن اسماءهم لم تكن مدرجة في قوائم الناخبين المحدثة، لكن مسؤولو الإنتخابات قالوا إن المشاكل لا تؤثر تأثيرا كبيرا على نسبة المشاركة. قال قاسم العبودي، وهو مسؤول كبير في مفوضية الإنتخابات، إن "عددا قليلا جدا" من الناخبين واجهوا صعوبات في العثور على محطات الإقتراع الخاصة بهم.
ذكر أن "51% هي نسبة مشاركة عالية وفقا للمعايير الدولية". وقال "حتى في الولايات المتحدة لا يوجد مثل هكذا إقبال".
أفاد كثيرون من الذين لم يصوتوا أنهم سوف ينتظرون ليروا كيف سيكون أداء الحكومة قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيدلون بأصواتهم في الإنتخابات القادمة.
إن بطء وتيرة الإعمار أثار غضب العديدين هنا. محمود راضي، البالغ من العمر 33 عاما من سكان البصرة، قاطع الإنتخابات بسبب "لم أجد أي شخص يمثلني".
قال "يمكنك أن ترى المناطق حيث يعيش المحافظ وأعضاء البرلمان- فهي تحظى برعاية جيدة. إن مشاريع [البنية التحتية] في المناطق الأخرى فشلت كلها. واضاف "لم يتمكنوا أن يقدموا لنا الخدمات. لا توجد هناك كهرباء في الصيف أو في الشتاء".
في تناقض صارخ مع عدم إكتراث الناخبين، إحتدم الحماس بين المرشحين. فقد تنافس أكثر من 14400 عراقي على 440 مقعدا. كان الناخبون يرون أن عدد المرشحين عدد ضخم.
إمتنع حسن صغير، متقاعد يبلغ من العمر 66 عاما، عن المشاركة في الإنتخابات بسبب خشيته من أنه قد يختار ممثل غير مؤهل. وأقر أنه لم يكن على دراية جيدة بشأن معظم المرشحين لكنه أشار أيضا إلى أنه لم يلهمه أي منهم على وجه الخصوص. و كان رأيه صدى للرأي السائد بأن على السياسيين أن يثبتوا أنفسهم قبل طلب أصوات الناخبين.
وقال "قطعت عهدا على نفسي أن لا أسمح أن يأتي صوتي بأي أحد إلى السلطة".
وصف فالح علي، 28، موظف في وزارة النفط في محافظة كربلاء الإنتخابات بـ "الكارثية".
قال إن "كربلاء وحدها لها ما يقارب 1200 مرشح - يا الهي! كيف استطيع أن أميز بين الجيد والسيئ بينهم، نظرا لأن لهم برامج سياسية متشابهة".
في الأنبار، كان الإقبال ضعيفا مقارنة بإنتخابات كانون الأول 2005، حيث صوت ما يقدر بـ %55 من الناخبين. قال خالد العاني، وهو رئيس مفوضية الإنتخابات في الأنبار إن العديد من الناخبين فروا من ديارهم في المحافظة التي كانت يوما مضطربة ولم يعيدوا تسجيل أسمائهم للتصويت.
ذكر أن الإجراءات الأمنية يوم الإنتخابات كانت مشددة وأن المفوضية كانت "مندهشة من ضعف الإقبال الجماهيري".
قالت زينب علي، 28، وهي ربة بيت في الفلوجة، إنها كانت حريصة لمعرفة المزيد عن البرامج السياسية للمرشحات من النساء. ضُمن للنساء 25% من المقاعد في كل محافظة.
لكن علي قالت إنها لا تثق بالسياسيين بصفة عامة وأنها فقط ستصوت في الإنتخابات المقبلة إذا ما قام السياسيون بـ "توفير فرص أوسع للنساء والسماح لهن بأن يكون لهن كلمتهن في خدمة العراق".
تبدو البطالة مشكلة كبيرة في الفلوجة، وهي مدينة في محافظة الأنبار والتي لا تزال تتعافى من العمليات العسكرية الأمريكية واسعة النطاق ضد المسلحين في العام 2004.
قال مصطفى أياد، 35، أنه يكافح لكسب العيش كعامل بناء وإنه لا يقدر على الزواج بسبب ظروفه المالية. لديه إيمان قليل بالسياسيين الذي وعدوا بإيجاد الوظائف، قائلا إنهم سيعزلون أنفسهم عن الشعب بمجرد وصولهم إلى المنصب.
كما أنه أعرب عن عدم ثقته بالنظام الإنتخابي. وقال إن "النتيجة مقررة منذ البداية". وأضاف "صوتي لا يساوي أي شيء".
داود سلمان، عبير محمد وضرغام محمد علي، صحفييون متدربون من بغداد، مع متدربي معهد صحافة الحرب والسلام في الفلوجة، البصرة وكربلاء شاركوا في إعداد هذا التقرير