تصاعد العنف الأخير يدق ناقو الخطر
قلق واستياء شعبي وسط ثقة بدور الحكومة في استعادة الأمن
تصاعد العنف الأخير يدق ناقو الخطر
قلق واستياء شعبي وسط ثقة بدور الحكومة في استعادة الأمن
الانجازات الأمنية لازالت تقف على ارض هشة كما يقول مراقبون ومن شأن الجماعات المسلحة أن تستغل الثغرات الأمنية لتفعيل خلاياها النائمة وتشن حملات عسكرية تودي بحياة الكثير من الأبرياء.
ومع تشديد الحكومة على اعتقال بعض القائمين على تلك العمليات وضبط الخلايا المنفذة، تتصاعد وتيرة استياء المواطنين وخشيتهم من تدهور الأوضاع مجددا.
شهر آذار كان الأخطر لهذه العام في العراق، حيث حصدت الهجمات الانتحارية في عموم البلاد أرواح 115 مواطنا على الأقل، ومثل تلك الأحداث أدت إلى مقتل 51 مواطنا في شهر شباط، و70 آخرين في شهر كانون الثاني.
وقد ركز الانتحاريون خلال علمياتهم المسلحة هذه على مناطق العاصمة بغداد ومحافظات بابل ونينوى وديالى، مستهدفين قوات الأمن والمدنيين على حد سواء، إضافة إلى استهداف المسؤولين في الحكومة والدولة العراقية.
ومن بين أكثر الهجمات دموية، كان الهجوم الذي نفذه انتحاري بسيارة مفخخة في العاشر من آذار العام 2009 في منطقة أبو غريب غربي العاصمة بغداد، وراح ضحيته 33 من رجال القوات الأمنية وعددا من شيوخ العشائر في تلك المنطقة.
وعلى صلة بالموضوع، فقد انفجرت سيارة مفخخة أخرى في 26 آذار, وحصدت أرواح 16 مدنيا، واعتبر الهجوم الثاني من نوعه في العاصمة بغداد خلال أسبوع واحد.
وحسب لخبراء عسكريين وأمنيين فان عناصر تنظيمات القاعدة ومن يتبعهم هم المسؤولون عن تنفيذ هذه التفجيرات والهجمات.
العميد المتقاعد رائد فاضل جاسم يرى بان المتطرفين الإسلاميين كانوا يستغلون ما أسماه بـ"الثغرات الأمنية،" والتي غالبا ما يتطلعون إليها ويرصدونها بدقة.
أما الصحفي والكاتب جمعة الحلفي فهو يعتقد بان الحكومة باتت اليوم بحاجة إلى ترتيب الوضع الأمني بشكل اكبر للحفاظ على مكاسبها التي تحققت، ويشير "هنالك العديد من الخلايا النائمة التابعة للقاعدة والتي تنتظر الفرصة المناسبة للظهور من جديد".
ويستدرك "بما إن انسحاب القوات الأمريكية بات وشيكا, فان عناصر القاعدة يقومون باستعراض عضلاتهم، وهم يعمدون إلى فعل ذلك لتشتيت ثقة الحكومة بقدرتها على استعادة السيطرة على زمام الأمن".
الإنفجارات هذه أثارت استياء بعض العراقيين بعد التحسن الأمني الذي شهده الشارع العراقي في العديد من المناطق منذ العام 2007، نتيجة للانتشار المكثف وحالات الطوارئ التي تفرضها الحكومة في العديد من المحافظات.
احمد منذر , 34 عاما, سائق تكسي, كان قد شهد لحظة ما بعد الهجوم الانتحاري في العاشر من آذار، الذي وقع بينما كان يقود سيارته غربي العاصمة بغداد، منذر يصف الانفجار الذي كاد ان يفقده السيطرة على مقود سيارته، بأنه "قد كان انفجارا رهيبا".
ويضيف "لقد أوقفت السيارة لأرى العديد من الجثث المشوهة تنتشر أشلاء في كل مكان. أعاد المشهد ذكريات مرة من سنين عديدة حيث كان العنف على أوجه".
تصعيد الهجمات الانتحارية هذا أمر يرى فيه عضو البرلمان عن التحالف الكردستاني محسن السعدون بأنه مدعاة لمراجعة الحكومة لأدائها, ويوضح "ذلك الأمر يجب ان يحث الحكومة للقيام بمراجعة شاملة لنظام المخابرات وقابليته على التنبؤ بالأعمال الإرهابية".
المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف أشار من جانبه إن "المخابرات العراقية كشفت 16 جماعة مسلحة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وتم اعتقال أكثر العناصر نشاطا ضمن هذه المجاميع".
ويضيف "إن العناصر الأمنية قامت بالعديد من الاعتقالات على صلة بالاضطرابات الأخيرة".
وهو يرى بان الهجمات الانتحارية الأخيرة من قبل عناصر القاعدة ما هي إلا محاولة "لإثبات إنهم مازالوا فعالين في العراق". منوها بان "الحكومة ستعيد تقييم الوضع الأمني في منطقة أبو غريب التي توصف على أنها منطقة مضطربة نسبيا في بغداد, اخذين بنظر الاعتبار احتمالية رجوع القاعدة".
بعض المواطنين في العاصمة بغداد وعلى الرغم من قلقهم إزاء تصعيد وتيرة الهجمات الانتحارية إلا إنهم يؤمنون بان البلاد تتجه بصورة عامة إلى نوع من الاستقرار، فيما عبر كثيرون منهم عن ثقتهم بقدرة الحكومة على منع المتطرفين من العودة مجددا.
عباس عبد الخالق , 53 عاما, يملك أسواقا للتجهيزات المنزلية ويسكن في منطقة السيدية التي كانت توصف حتى وقت قريب بأنها واحدة من المناطق المضطربة، هاجر إلى سوريا أثناء ارتفاع وتيرة العنف الطائفي العام 2006 وعاد إلى العراق منذ فترة وجيزة.
عباس عبر عن خوفه إزاء التفجيرات الأخيرة, لكنه لم يفكر أبدا في ترك البلاد مع عائلته مره أخرى. وهو يعتقد بان "الدولة ستزداد قوة ولن تعود الجماعات المسلحة أو عمليات التهجير مرة أخرى أبدا". وهو رأي بات الكثيرون يعتقدون به اليوم.
فـ"الهجمات المسلحة الأخيرة ربما تؤثر على الحركة الاقتصادية وتضعف رغبة المهجرين بالعودة إلى العراق مرة أخرى" كما يقول المحلل السياسي جمعة الحلفي.
لكنه يستدرك "إن تأثير العنف لن يكون سلبيا كما في السابق، حيث تشير الإحداثيات إلى استقرار البلاد وليس الفوضى".