عودة البعثيين تثير المخاوف
ان التحول الكامل لسلطة التحالف المؤقتة بشأن أعضاء حزب البعث يثير الغضب والقلق
عودة البعثيين تثير المخاوف
ان التحول الكامل لسلطة التحالف المؤقتة بشأن أعضاء حزب البعث يثير الغضب والقلق
تعكس الشعارات التي تغطي جدران مديرية تربية الكرخ في غربي بغداد الغضب الذي ما يزال بعض الناس يشعرون به نحو الحزب الحاكم السابق في العراق, حزب البعث.
وجاء في أحد الشعارات "ثقافة البعث هي سفك الدماء والقتل". ويقول آخر "البعث يعني الفساد". في حين يصرخ شعار ثالث "اعادة البعث انقلاب ضد الحرية".
في غضون ذلك, فان الأكشاك التي تبيع استمارات طلب العمل في الشوارع خارج مديرية التربية قد وضعت حزماً من استمارات صدرت حديثاً خاصة بالسماح للبعثيين السابقين باستعادة وظائفهم.
ومن المعروف ان سلطة التحالف المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة قادت لأكثر من سنة مضت حملة لتطهير مواقع السلطة من البعثيين, إلا انها تتحول عن موقفها هذا منذ الشهر الماضي لتسمح لهم بالعودة, على وفق الطلبات التي يقدمونها.
أما الشعار الرابع على الجدار, فهو يلقي بالمسؤولية على الرئيس الأمريكي جورج بوش عن التغيير الذي حصل, ويتوقع حدوث المشاكل, وقد جاء فيه "غلطة بوش ستشوه أفكار أطفالنا".
وقد استقبل قرار سلطة التحالف المؤقتة بمرارة, لاسيما من الناس الذين فصلوا من العمل لأسباب سياسية في ظل نظام البعث.
وكان أحد هؤلاء محمد حميد البالغ من العمر (34) سنة, ومع ان عمله في المديرية هو تقديم الشاي والقهوة, فان زملاءه ينادونه "بالأستاذ" احتراماً لمؤهلاته.
لقد تأهل محمد للكلية الطبية, إلا ان دراسته قطعت لاعتقاله كمشتبه بانتمائه الى حزب الدعوة الاسلامي المحظور في عهد صدام حسين. وعلى الرغم من ادعائه بانه لم ينتم الى حزب الدعوة أبداً, فقد تعرض للتعذيب, ثم هرب من العراق قبل اكمال دراسته.
ان شهادة تخرج محمد باللغة الانكليزية التي حصل عليها من لبنان بعد خروجه من العراق هي كافية عادة لتعيينه كمدرس.
وتحت توقعات بحياة أفضل, حزم محمد حقائبه وعاد الى العراق في العام الماضي, في اليوم الذي تلا سقوط نظام صدام, وقال لمعهد صحافة الحرب والسلام "اعتقدت ان العراق قد تحرر من نظام البعث الشرير, وكنت أشعر بالامتنان العميق للولايات المتحدة". لكن مشاعره تغيرت الآن.
وتابع محمد قائلاً "عندما أعلنت سلطة التحالف المؤقتة الحاجة الى اعادة البعثيين, أدركت ان انقلاباً أسود قد وقع, وان البعث سيعود مرة أخرى".
ويخشى محمد, مثل الكثير من زملائه ان الأعضاء السابقين للحزب سيكونون معلمي أبناء الشعب الصغار, وقال "سيعود البعثيون لتلويث الطلاب وغيرهم".
لكن مدير التربية, الذي رفض اعطاء اسمه, يرى أسباباً أخرى وراء مثل هذه التصريحات. فقال "هذا هو جوهر القضية: فالجميع يخشى ان البعثيين العائدين سيأخذون الوظائف التي خصصت لهم, او يأخذون المناصب التي كانوا فيها قبل ان يفصلهم منها النظام السابق".
ويؤكد المدير عدم وجود درجات تعليمية كافية لكل واحد, مشيراً الى ان مايقارب (80) ألف موظف تربوي من الذين فقدوا وظائفهم أثناء حكم صدام يتنافسون الآن مع (12) ألف آخرين فقدوا وظائفهم بموجب قرار اجتثاث البعث الذي أصدرته سلطة التحالف المؤقتة.
ويضيف المدير قائلاً ان المشاكل ازدادت سوءاً بتقدم عدد هائل من خريجي الجامعات الجدد للتنافس على عدد محدود من الدرجات الوظيفية المتوافرة.
وفي هذا الصدد فان المدير يحبذ اعادة الوظائف للبعثيين قائلاً "العفو واجب عند المسلمين. كما ان المفصولين من عملهم لديهم عوائل أيضاً, اذن أين يذهبون؟"
أما المدرس أحمد مطشر الذي كان يدرس التاريخ والجغرافية في مدرسة الحريري في غربي بغداد, فهو أحد أعضاء الحزب الذين يسعون لاستعادة وظائفهم, وقال "انتميت لحزب البعث لأنه كان الحزب الوحيد في البلاد. انا لست ضابط مخابرات, ولم أقم بتعذيب أحد".
قد يكون ذلك صحيح, لكن سامية هاشم المشرفة التربوية في المديرية, ماتزال تعتقد بان لا يسمح للبعثيين بالعودة للتعليم, لاسيما مع هذا العدد القليل جداً من الوظائف, وتقول "أقترح عقد توافق, يحال البعثيون على التقاعد وتعطى الوظائف الى المدرسين الشباب, او للمفصولين لأسباب سياسية ولم يصلوا بعد الى سن التقاعد".
*ضياء رسن ـ صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد