الرجال متذمرون على رفع الحظر عن سفر النساء
تحبط مواقف الرجال المحافظين رغبة النساء بالسفر إلى الخارج.
الرجال متذمرون على رفع الحظر عن سفر النساء
تحبط مواقف الرجال المحافظين رغبة النساء بالسفر إلى الخارج.
بدأ عهد جديد لحرية النساء العراقيات - نظريا على الأقل - مع انهيار نظام صدام حسين.
للمرة الأولى منذ اكثر من عقد من الزمان تستطيع النساء العراقيات أن يسافرن إلى الخارج بصورة شرعية وبدون صحبة محرم.
لكن لعل إلغاء هذا العائق القانوني قد كشف عن مجموعة من القيود الاجتماعية الأعمق والأكثر تعقيدا في العراق الجديد.
تقول منى وهي موظفة في إحدى الدوائر الحكومية, "أرغب في أن أسافر ومعي عقد عمل لبناء مستقبلي بدون أي دعم ولكن عائلتي تقف ضد رغبتي".
ترغب آلاف النساء العراقيات الأخريات مثل منى بمغادرة البلد للعمل أو من اجل إكمال الدراسة العليا لكن تحبطهن المعارضة الشديدة من داخل عوائلهن. و سبب هذا الإحباط هو أن عدد كبير من الرجال لا يرون أي ضرر في فرض قيود على سفر النساء.
و يدعون أن هذه القيود ضرورة منطقية بسبب اعتقاد شرق أوسطي قديم العهد هو أن النساء تحكمهن مشاعرهن فقط.
يقول مازن علي, "المرأة مخلوق عاطفي وهي سريعة الاستجابة لعواطفها و يحاول الرجال استغلالها دائما. لذا يجب على الرجل [المحرم] أن يبقى بجانبها دائما وأن لا يتركها و حيدة".
قال أمين سعدي الذي يعارض رغبة أخته في السفر, "ما يزال الرجل الشرقي يعارض فكرة سفر النساء لوحدهن لأن سلوك المرأة في المجتمع الشرقي يعتبر مقياسا للحكم على أخلاقيات العائلة ككل".
ولكن وجهة النظر هذه لا يشترك بها جميع الرجال العراقيين. لا يرى أياد توفيق ضررا في السماح لأبنته بالسفر من أجل العمل أو الدراسة. كما انه لا يرى حاجة إلى مرافقتها من قبل أحد ذويها من الرجال أيضا.
وأضاف قائلا, "المرة الأولى ستكون صعبة بالنسبة لها وهي وحيدة. أما عندما تعتاد على السفر فسأعطيها مطلق الحرية".
زكية الزيدي, رئيسة جمعية نهضة المرأة وهي منظمة مستقلة تنادي بحقوق المرأة, تصف فكرة فرض القيود على حركة المرأة بأنها "نوع من الإذلال". وقالت, "لقد كان قانونا صارما فُرض على المجتمع من قبل النظام السابق. حتى في زمن الإقطاع لم تكن هناك مثل هذه القيود. وقد دعت منظمتنا إلى إلغاء هذا القانون ولكننا لُوحقنا وعُذبنا من قبل النظام السابق".
وبالرغم من سقوط العوائق القانونية فان زكية الزيدي مع ذلك تتوقع أن سنينا ستمر قبل إزالة الإجحاف الاجتماعي الذي ما يزال يحدد حركة العديد من النساء.
وقالت, "نحن بحاجة إلى نظرة تقدمية وحملة توعية إضافة إلى التكافل بين المنظمات النسوية لتغيير العقلية العراقية ومنح النساء حقوقهن الطبيعية".
لكن في الوقت الحاضر أدت الفجوة بين الحرية القانونية والقيود الاجتماعية إلى خلق شقاق وسط العديد من العائلات.
يجب على النساء أن يقررن فيما إذا سيتحدين آباءهم وأزواجهم وإخوانهم لتحقيق أحلامهن.
يرفض زوج مدرسة الثانوية سعاد امجد, بالسماح لها بالسفر إلى الخارج لوحدها وهو لا يرغب بالسفر معها. تقول سعاد: "نحن لم نستفد من إلغاء قانون السفر لأن المجتمع ما يزال غير مؤمن بإعطاء المرأة حريتها".
بالرغم من أنه من غير المحتمل أن تتحدى العديد من النساء رغبات عوائلهن, فان الأخريات سيستفدن بالتأكيد من حريتهن الجديدة بغض النظر عن النتائج الوخيمة التي ستلحق بالعوائل.
وجدت أميرة حيدر أنها ستقع في أزمة عائلية وشيكة إذ أن ابنتيها عازمتان على السفر بالرغم من اعتراضات زوجها وأولادها, "انهما يطلبان مني بإلحاح أن أساعدهما على السفر بدون موافقة والدهما لكنني أخشى أن تمردهما هذا قد يؤدي إلى أن يؤذيا نفسيهما".
أضافت أميرة "لقد فكرت في أن اخبر والدهما عن خططهما للهرب لكنني أخشى من العواقب".
كشفت زيارة لمكتب الجوازات الحكومي أن العديد من النساء الشابات متلهفات للسفر من اجل العمل أو الدراسة بدون موافقة عوائلهن.
يقول موظف اقدم في مكتب الجوازات العراقي انه استلم شكاوى عديدة من العوائل بخصوص بناتهم اللواتي يسافرن إلي الخارج بدون موافقتهم.
وقال, "هذا يعكس خطورة الموقف. أن إلغاء قيود السفر يصطدم مع وجهات نظر المجتمع العراقي. كما انه يشجع بعض الفتيات على الهرب".
قالت إحدى اللواتي قدمن طلبا لإصدار جواز سفر, وقد رفضت أن تكشف عن اسمها, أنها تواقة للحصول على عقد عمل في الخارج لعدة سنين. الآن وقد أُزيلت العوائق القانونية ترغب في أن تخاطر بهجر عائلتها.
قالت, "يجب أن أكون شجاعة وأن أسافر بدون موافقتهم. لقد حاولوا أن يعيقوني عن تحقيق طموحاتي وسيدفعون ثمن ذلك هم والمجتمع الذي قيدنا".
وفاء عامر صحفية متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام.