بعد المقاطعة السنية
ربما استطاع السنة تحقيق هدفهم باختيار البقاء خارج الانتخابات، إلا ان عليهم الآن ان يقرروا ان كان ثمة جدوى من مقاطعة العملية الدستورية التي ستشكل مستقبلهم
بعد المقاطعة السنية
ربما استطاع السنة تحقيق هدفهم باختيار البقاء خارج الانتخابات، إلا ان عليهم الآن ان يقرروا ان كان ثمة جدوى من مقاطعة العملية الدستورية التي ستشكل مستقبلهم
بعد ان ظل العرب السنة في محافظة الأنبار الغربية بعيدين عن انتخابات الشهر الماضي، فان الكثير منهم يدرسون الآن افضل الطرق لتأمين مصالحهم في مشهد سياسي متغير. وبالنسبة للبعض فان المشاركة في حكومة يرون انها نتاج لانتخابات ناقصة، أمر مرفوض جملة ونفصيلاً، فيما يريد آخرون أي دور في الحكم.
لقد قاطعت الجماعات السنية الرئيسة الانتخابات في الثلاثين من كانون الثاني بعد ان أعلنت هيئة علماء المسلمين المتنفذة ان انتخابات عادلة مستحيلة بسبب العنف المستمر في المناطق ذات الأغلبية السنية.
وتشير نتائج الانتخابات ان اقبال الناخبين في هذه المناطق قد أثبت انه أقل بكثير من بقية أنحاء البلاد، وذلك بسبب المقاطعة، ولأن الكثير من الناس خافوا من الوضع الأمني، أو بسبب العواقب المحتملة للتصويت.
وقد قدر الاقبال بنسبة (2%) في محافظة الأنبار ذات الأغالبية السنية حيث تقع المدينتين المضطربتين الفلوجة والرمادي.
ان المجلس الوطني الانتقالي، أول مجلس لا يسيطر عليه السنة، سيجد من الصعوبة ان يعمل، ومن الأصعب ان يحوز على الشرعية الدولية وهو يفتقر الى مشاركة 1/5 سكان العراق التي اختارت البقاء خارج الانتخابات.
ان المهمة الرئيسة للمجلس هي كتابة دستور يكتمل في آب من هذه السنة، حتى يمكن اجراء استفتاء في الوقت المناسب المقرر في شهر تشرين الأول، ثم تتبعه انتخابات برلمانية جديدة في كانون الأول.
ان الوثيقة النهائية ستحدد كيف سيحكم العراق، والى أية حدود سيكون الحكم الذاتي الممنوح لأقاليمه ـ وهذه قضايا للسنة فيها مصالح حيوية كما للشيعة والأكراد.
ان التحالفات الشيعية والكردية التي أبلت بلاءً حسناً في الانتخابات تصر على انها ترغب في جذب العراب السنة الى العملية من خلال منحهم دوراً في عملية صنع القرار، اذا لم يكن في المؤسسات المنتخبة. وهناك بعض الحديث يدور عن منصب رئيس البرلمان يخصص الى شخصية سنية.
ان أكبر حزب سني، الحزب الاسلامي العراقي، قد اعتبر الانتخابات غير شرعية ورفض المشاركة في الحكومة الانتقالية التي تنبثق عنها.
في الوقت نفسه، فقد دخل الحزب مؤخراً في مفاوضات مع السياسي السني المخضرم عدنان الباجه جي الذي يسعى الى اشراك المجموعات السنية في صياغة الدستور الجديد.
اضافة الى ذلك، ما يزال آخرون في المناطق السنية يحتفظون بتحفظاتهم حول العملية الانتخابية نفسها، ويرغبون في التحرك الى امام واعادة دراسة خياراتهم.
وعبر سعيد العاني، عضو الحزب الاسلامي العراقي، عن تفاؤله الحذر قائلاً ان المجلس الوطني قد يكون مقبولاً اذا ما وضع المصلحة الوطنية قبل المصلحة الطائفية.
وقال "أعتقد ان البرلمان المنتخب اذا ما انتهى من الطائفية ونجح في ترجمة مصالح الأحزاب التي قاطعت الانتخابات الى الواقع، فانه سيقوم بعمل جيد من أجل وحدة العراق".
وبالنسبة الى بعض أولئك الذين التقاهم مندوب معهد صحافة الحرب والسلام في محافظة الأنبار، فان من الضروري ان تبدو الحكومة العراقية الجديدة قوية، وهذا يعني تجاوز الانقسامات العرقية والدينية بسرعة. ويجادلون ان حكومة منقسمة سترسل الرسالة الخاطئة الى الدول المجاورة القوية مثل ايران وتركيا.
وكان رائد الدليمي من بين أولئك الذين لم يعارضوا الانتخابات، وهو موظف انتخابي في الرمادي، التي تقع على مسافة (100) كلم الى الغرب من بغداد، وقد استقال بعد ان تلقى عدة تهديدات. وهو يعتقد الآن انه بالرغم من الاقبال الضعيف فان السنة ما تزال أمامهم الفرصة لجعل أصواتهم مسموعة.
وقال "ان خسارة الأصوات السنية يمكن تعويضها عندما تجري كتابة الدستور، حيث سيكون بامكانهم المشاركة حتى يحافظوا على حقوقهم."
ويعتقد المحامي محمد العبيدي من مدينة هيت الواقعة على أعالي نهر الفرات على مسافة (50) كلم من الرمادي ان الابتعاد عن مراكز الاقتراع كان في الحقيقة حركة تكتيكية سيئة. وقال "كان من الأفضل للسنة المشاركة في الانتخابات، وذلك لتحقيق التوازن في القوى مع الأكراد والشيعة اللذين أصبحا يسيطران الآن."
لكن آخرين كثيرين ما زالوا غير نادمين على المقاطعة، ومصممين على عدم العمل مع حكومة يعتقدون انها تشكل تحت ظل الوجود العسكري الأجنبي.
وقال وليد العمري "موظف حكومي من مدينة عنه في محافظة الأنبار وتبعد أقل من (100) كلم عن الحدود السورية "لقد كانت مقاطعة السنة للانتخابات العراقية ومجالس المحافظات، هي الأسلوب الوحيد، وأفضل طريق لرفض هذه الانتخابات. ان الناتج النهائي هو حكومة غير شرعية."
ويصر أنصار المقاطعة ان جميع محافظات العراق يجب ان تتمتع بالأمن والاستقرار قبل ان يكون بالامكان عقد انتخابات عادلة.
وقال أياد فياض، موظف حكومي في الرمادي "في هذه المرحلة الحرجة، تكون الانتخابات بلا معنى، وطلبنا لتأجيلها كان صحيحاً ولسنا نادمين على مقاطعتنا لها."
*داوود سلمان ـ صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في العراق