المتمردون الأوغنديون بريئون من الهجمات على السودان
وقضايا أخرى كثيرة تطغى على التوقيع النهائي على اتفاق السلام.
المتمردون الأوغنديون بريئون من الهجمات على السودان
وقضايا أخرى كثيرة تطغى على التوقيع النهائي على اتفاق السلام.
ويأتي هذا الإعلان كطوق نجاة لجميع الأطراف، خاصة وأنها جميعاً تترقب التوقيع النهائي على اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه بين الحكومة الأوغنديه وجيش الرب للمقاومة في الشهر الماضي في جوبا عاصمة جنوب السودان.
وذكرمسؤولون أنه تم القبض على أربعة عشر متهماً على الأقل وأصبحوا في عهدة منطقة الحكم الذاتي العسكري، ومن المتوقع أن يتم القبض على المزيد.
كما ذكروا أيضاً أن لا أحد من هؤلاء المتهمين هو من أعضاء جيش الرب للمقاومة، كما أنهم على الأغلب من جنوب السودان وليسوا من أصل إثني أوغندي.
ويبدو أن هذه الاعتقالات تبرئ حركة التمرد الأوغندية من المسؤولية عن الهجمات على جنوب السودان الشهر الماضي والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن خمسة قرويين و خطف نحو خمسين شخصاً فضلاً عن نهب الممتلكات.
والشكوك بأن قوات جيش الرب للمقاومة كانت وراء هذه الهجمات أدت الى انتشار مزاعم بأن المتمردين لم يكونوا ملتزمين حقاً بمفاوضات السلام الجارية مع الحكومة الأوغندية، وأنهم خرقوا الوقف الدائم لإطلاق النار الذي كان قد وقع الشهر الماضي. وقد كان جنوب السودان ضيفاً في هذه المحادثات منذ بدأت قبل عام ونصف.
وقد أوضحت السلطات في جنوب السودان أن اللوم لا يقع على جيش الرب للمقاومة كما ذكر الكثيرون بل على المقاتلين المتمردين في الحرب الأهلية الطويلة في السودان نفسه والتي انتهت باتفاق سلام وحكم ذاتي في عام 2005.
وصرح السيد سالفا كيير رئيس جنوب السودان للصحافيين الأسبوع الماضي بأن : "هناك بعضاً من عناصر الجيش الشعبي لتحرير السودان وبعض المدنيين المسلحين الذين نظموا أنفسهم لنهب وتعطيل حياة المدنيين في القرى باسم جيش الرب للمقاومة."
وأضاف كيير بأنه مقتنع بأن المعتدين ادعوا بأنهم متمردون أوغنديون ونهبوا المشروبات الكحولية والسجائر، الممنوعة على مقاتلي جيش الرب للمقاومة.
حيث قال بهذا الشأن :"نهب المهاجمون علب المشروبات الكحولية التي فقدت من الأسواق في مقاطعة كاجو كيجي، وشربوا الكحول ودخنوا جميع السجائر وهي ممارسات ممنوعة عليهم بحسب نظام جيش الرب للمقاومة".
وقد قال السيد ريك ماشار نائب رئيس الجمهورية ـ الذي لعب الدور الأساسي في إقناع جيش الرب للمقاومة والسلطات الأوغندية بالانضمام إلى طاولة المفاوضات ـ إن الهجمات نُفِّذت من قبل مجموعة تطلق على نفسها اسم "لا وحدة" وتتألف من الثوار السابقين الذين لم ينخرطوا في الجيش الشعبي لتحرير السودان.
وقد قاد هذا التحقيق الذي كشف عن هوية المعتدين القائد ويلسون دينغ ـ المسؤول عن مراقبة امتثال الجيش الشعبي لتحرير السودان لشروط اتفاق السلام ـ الذي من المفترض أن يجتمع المتمردون بموجبه في المجلس المعين في المقاطعة الاستوائية الغربية بالقرب من جنوب السودان على الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ومن الجدير بالذكرأن تحديد هوية المهاجمين على أنهم مقاتلون متمردون من مخلفات حرب السودان الأهلية الطويلة ـ والتي انتهت باتفاق سلام وحكم ذاتي في عام 2005 ـ يضيف مصداقية إلى جيش الرب للمقاومة الذي تعهد بالالتزام بأحكام نظام اتفاق السلام مع الحكومة الأوغندية.
ويأمل مسؤولو جنوب السودان أن يتم التوقيع على اتفاق السلام قريباً، إذ أن ذلك سيتيح لهم التركيز على تحسين الوضع الأمني في بلادهم دون أن يعانوا من القلق من وجود مجموعة حرب العصابات الأوغندية.
وأعلن كيير أنه يعمل على حث ماشار كبير الوسطاء فى عملية السلام على "تسريع المفاوضات" على أمل التوقيع على الاتفاق بحلول نهاية الشهر الجاري.
وبمجرد توقيع الوثيقة، سيكون أمام جيش الرب للمقاومة شهر واحد لنزع سلاح قواته المسلحة وتسريحها في جنوب السودان، واضعاً عناصره تحت سيطرة الجيش الشعبي لتحرير السودان للعودة إلى أوغندا.
وأوضح كيير قائلاً: عند هذه النقطة"يمكننا بسهولة تحديد العناصر الذين يشكلون تهديداً للمدنيين".
إلا أن آخرين ممن كانوا على مقربة مما يحدث في جنوب السودان يصرون على أن جيش الرب للمقاومة هو المسؤول.
وقد أصر السيد زامبا دوكو أحد كبار المسؤولين في المقاطعة الاستوائية الوسطى على أن المسؤول عن الهجمات على القرى كاجو كيجي ولينيا هو حتماً متمردو جيش الرب للمقاومة بما أنهم القوى شبه العسكرية الوحيدة التي لاتزال موجودة في المنطقة.
وأعلن دوكو لمعهد صحافة الحرب والسلم قائلاً:"ميليشيا جيش الرب للمقاومة هي الوحيدة التي ترهب قرانا وتشكل تهديداًُ يمنع مواطنينا من العودة من مخيمات النازحين التي لجؤوا إليها أثناء الحرب الأهلية في السودان".
وقد أكد على ذلك مفوض مقاطعة كاجي كيجو أوليفر مول قائلاً: إن الأشخاص المختطفين الذين تم إطلاق سراحهم ادعوا بأن مهاجميهم كانوا يتكلمون اللغة الأشولية وهي لغة شمال أوغندا، إلا أن البعض الآخر كانوا يتكلمون العربية والسواحلية.
وقد ذهب البعض إلى أن المعتدين هم في الواقع خليط من عناصر غير أخلاقيين من جيش الرب للمقاومة ومن قوات جنوب السودان على حد سواء.
ولجيش الرب للمقاومة جذور عميقة في جنوب السودان حيث تلقى الدعم والمساعدة لاثني عشرة سنة أو أكثر من حكومة الخرطوم، الأمر الذي كان يسمح له بشن عمليات في شمال اوغندا، كما تم استخدامه بطريقة غير مباشرة لمحاربة متمردي جنوب السودان.
هذا ومن المعروف أن جيش الرب للمقاومة قد ضم بعضاً من سودانيي الجنوب إلى وحداته.
وقد صرح كيير ـ المتفائل بالتوقيع على التسوية النهائية قريباً ـ بأن الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني أكد له مؤخراً بأنه سوف يسافر إلى جوبا لتوقيع الصفقة شخصياً.
ويترك ذلك مسألة واحدة معلقة وهي نوايا زعيم جيش الرب للمقاومة جوزيف كوني.
وقال السيد كيير بهذا الشأن : "أنا بحاجة الى ريك ماشار ليذهب ويحضر زعيم جيش الرب للمقاومة جوزيف كوني الى جوبا ليوقع أيضاً على اتفاق السلام من أجل وضع حد للأعمال العدائية فيما بينهما."
ولكن توقيع كوني على الاتفاق لايزال موضع شك.
وقد كان ممثلو جيش الرب للمقاومة بما فيهم رئيس المفاوضين ديفيد ماتسانغا في لاهاي الأسبوع الماضي في اجتماع مع مسؤولين من المحكمة الجنائية الدولية.
وقد كان ماستانغا والمحامون الذين يمثلون كوني يريدون أن تسقط المحكمة الجنائية الدولية الاتهامات الموجهة ضد كوني وكبار مساعديه، على أساس أن محاكمة دولية ستكون زائدة عن الحاجة بما أن الحكومة الأوغنديه قد وافقت على إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة زعماء جيش الرب للمقاومة عن الجرائم التي ارتكبت خلال سنوات الحرب العشرين.
وقد صرح كونى بأنه لن يوقع على اتفاق السلام ما لم تسقط المحكمة الجنائية الدولية التهم.
إلا أن المحكمة الجنائية الدولية رفضت هذا الطلب، وأبلغ السيد فاكيسو موتشوتشوكو رئيس المستشاريين القانونيين وفد جيش الرب للمقاومة بأن فهم الأخير لإجراءات المحكمة خاطئ وبأن أوامر الاعتقال التي صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية ستظل قائمة.
قال السيد موتشوتشوكو لمعهد صحافة لحرب والسلم :"إن جيش الرب للمقاومة وحكومة أوغندا يتبعان إجراءات سياسية أما المحكمة الجنائية الدولية فتتبع إجراءات قانونية" وأضاف :"طالما ستبقى المحكمة الجنائية الدولية معنية ستبقى أوامر الاعتقال سارية المفعول وقابلة للتنفيذ، وما تتوقعه المحكمة من الحكومة الأوغندية هو أن تسعى إلى إنفاذها"
ولا يزال من غير الواضح ما اذا كان إبقاء المحكمة الجنائية الدولية على أوامر الاعتقال سيقف عائقاً أمام التوقيع على اتفاق السلام النهائي في جوبا.
حميد طابان مساهم في معهد صحافة الحرب والسلم من جنوب السودان.
بيتر ايشستيدت محرر عن إفريقيا، معهد صحافة الحرب والسلم.