العراقيون يختلفون بشأن الانتخابات
يتفق العديد على الحاجة إلى الانتخابات الشعبية المباشرة لكن آخرين يرفضون الفكرة
العراقيون يختلفون بشأن الانتخابات
يتفق العديد على الحاجة إلى الانتخابات الشعبية المباشرة لكن آخرين يرفضون الفكرة
خلال الشهرين الماضيين جعل آية الله العظمى علي السيستاني الاهتمام السياسي العراقي يتركز على مطلبه بإجراء انتخابات مباشرة لانتخاب أول حكومة عراقية ذات سيادة في البلاد.
وكذلك كان السيستاني قادراً فعلاً على شد الانتباه الدولي لهذا الأمر إلى درجة أن الأمم المتحدة وافقت على إرسال وفد من الخبراء ليقرروا فيما إذا كان ممكناً إجراء الانتخابات.
وانتقد آية الله اتفاق 15 تشرين الثاني الذي تم التوصل إليه بين مجلس الحكم وسلطة التحالف المؤقتة, والذي يقضي بنقل السيادة في 30 حزيران إلى جمعية وطنية عراقية مؤقتة يتم اختيار أعضائها من خلال مؤتمرات تعقد في المحافظات.
على الرغم من أن الخطة تدعو لإجراء الانتخابات في آذار 2005, إلا أن السيستاني دعا لإجرائها مباشرة. كما دعا إلى عدم قيام أية سلطة غير منتخبة بتسلم الحكم بشكل مؤقت.
وجاء في بيان صادر عن مكتب السيستاني في منتصف كانون الثاني "لقد أكد آية الله موقفه بان الجمعية الوطنية الانتقالية لا يمكنها أن تمثل العراقيين بشكل حقيقي. وأضاف البيان "إن من الممكن, كما يعتقد الخبراء, تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة في الأشهر المقبلة".
وفي الأسابيع الماضية خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في مسيرات حاشدة في أرجاء البلاد للمطالبة بالانتخابات, بينما كان أعضاء من المجلس, مثل احمد الجلبي, رئيس المؤتمر الوطني العراقي, وعبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق يطلقان التصريحات المؤيدة للسيستاني.
وصرح الحكيم للصحفيين بتاريخ 20 كانون الثاني قائلاً "يجب أن تكون هناك انتخابات في العراق, ويجب أن نتمسك بالجدول الزمني لنقل السيادة في الثلاثين من حزيران". فيما قال الجلبي في واشنطن بتاريخ 23 كانون الثاني "الانتخابات ممكنة" وان نظام الانتخابات غير المباشرة الذي أقره اتفاق 15 تشرين الثاني كان "بالتأكيد مثيراً لعدم الاستقرار".
لكن الدعم لدعوة السيستاني لم يكن شاملاً, إذ عارض بعض الناس الفكرة بشدة, فيما لم يعرب آخرون عن أي موقف إزاءها إطلاقا.
إن جمع الأعداد ليس سهلاً, لكن المسح الذي أجراه أحد الكتاب للبغداديين كشف عن تناقض كبير بين الآراء تجاه الدعوة إلى الانتخابات. هذه الآراء ليست منقسمة بشكل كامل على وفق التيارات الطائفية, لكن الشيعة يميلون لمساندة دعوة السيستاني, بينما العديد من السنة العرب و الكورد يجادلون في أن انتخاب حكومة أمر غير عملي, أو انه ببساطة لا يشكل أولوية قصوى قياساً بمشاكل العراق الحالية.
وقال حسين علي ـ 35 سنة ـ من أهالي مدينة كربلاء الشيعية المقدسة الذي وصف نفسه بأنه من مؤيدي آية الله, "إن السيستاني حكيم في دعوته لانتخابات سريعة, لأنه من الضروري أن يكون المجلس الوطني منتخباً بشكل مباشر من الشعب".
وقال حيدر الأعرجي, تاجر شيعي من محافظة بابل الجنوبية, "قد لا تكون انتخابات مثالية, إلا إنها تمنحنا شرعية أكثر من أن يكون لدينا مسؤولون بالتعيين". و أضاف حيدر "نحن ندرك المشاكل السوقية والفنية التي تحيط بالانتخابات إضافة إلى المشاغل الأمنية, لكني أؤمن أنها ستكون ناجحة بنسبة 90 في المائة".
أما عباس ياسر ـ 27 سنة ـ من اتباع العالم الديني الشيعي محمد صادق الصدر, ومن سكنة الأحياء الفقيرة لمدينة الصدر شرقي بغداد, فقد قال إن على العراق أن "يمنح الأميركان فرصة لتنفيذ وعودهم بتسليم السلطة إلى العراقيين, علينا الاعتماد على اتفاق 15 تشرين الثاني". وقال إن الأكثر أهمية من السياسة هو "الحفاظ على الأمن, وضمان أن العراقيين جميعاً يحصلون على الطعام والعمل".
وقال حمزة عبيد ـ 26 سنة ـ طالب سني في الجامعة المستنصرية في بغداد "ليس ثمة داع للمظاهرات, الأولوية يجب أن تعطى للأمن والاقتصاد".
وقال ثامر رحاح ـ 30 سنة ـ شيعي عاطل من سكنة محلة البياع ذات الغالبية السنية في غربي بغداد إن على السلطات أن "توفر الأعمال لنا حتى نتمكن من الحفاظ على كرامتنا قبل أن يفكروا بالانتخابات".
وطالب بعض العراقيين بالانتخابات, ولكن ليس تحت ظل الاحتلال الأجنبي.
وقال الشيخ احمد عبد الغفور, إمام جامع أم القرى السني غربي بغداد "على الرغم من عدم شرعية مجلس الحكم, نحن نرفض الانتخابات ونظام التعيينات ما دامت قوات الاحتلال موجودة. يجب على قوات الاحتلال أن تغادر العراق ومن ثم يمكننا أن نجري الانتخابات".
وقال الصحفي السني كريم عبد المناف "دعونا نجري انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة أو أية هيئة دولية معينة".
آخرون استبعدوا إمكانية نجاح الانتخابات كوسيلة وحيدة لإخراج القوات الأجنبية المحتلة بأسرع وقت.
فرهاد عزيز سائق أجرة كوردي في بغداد عمره 46 سنة. "ارفض الانتخابات." قال بحماس. "ستأخذ منا وقتاً طويلاً وتتطلب الكثير من الجهود وأموال أكثر, وهذا سيعطي التحالف الفرصة للبقاء أطول". و أضاف "يوجد أناس ذوو كفاءة يمكنهم قيادة البلاد, ويمكن تعيينهم مباشرة دون انتخابات". إلا انه لم يحدد الجهة التي يجب أن تقوم بالتعيينات.
اما العامل الشيعي في التصنيع العسكري سابقاً عمر علي ـ 30 سنة ـ فقد قال "أنا لا تهمني السياسة, لقد تعبنا من السياسة أثناء نظام صدام حسين. لنترك أمريكا تحل المشكلة".
آخرون ارادوا عودة رئيسهم المخلوع.
قال صفاء محمد ـ 27 سنة ـ سني يعمل بأجر يومي في مدينة الرمادي غربي بغداد "لاشيء سيمثلني, لا مجلس الحكم ولا الانتخابات, إن ممثلي الوحيد هو صدام".
وقال فراس جاسم ـ 25 سنة ـ نجار سني من حي العامل "لم نمارس الديمقراطية في عهد نظام صدام, إن معنى هذه الانتخابات كلها غير واضح بالنسبة لي".
وكذلك العامل الميكانيكي الشيعي حسن هادي أعرب عن ضجره من العملية قائلاً "أريد فقط أن استيقظ يوماً لأجد رئيساً جديداً, وليكن سنياً أو شيعياً, عربياً أو كوردياً, ولا يهمني كيف سيصل إلى المنصب".
كمال علي, عدنان كريم وهيثم الحسيني صحفيون متدربون في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد